كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

من اعتبار حادثة علي، فإنْ قيل: لم لا تحملونه عليهما جميعًا (¬1)؟ قلنا (¬2): لامتناع حمل اللفظ الواحد على الحقيقة والمجاز في حالة واحدة، فإنْ قيل: كيف حملتم قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] على العقد والوطء جميعًا، قلنا (¬3): لأنه حقيقة فيهما كأسهم الإخوة في حجب الأم والمعنى المفسد عدم منه. {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الواو للحالى و (سكارى) جمع سكران، وقيل: الجمع سكرى، وسكارى جمع الجمع {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} يفيد القضاء عند الصحو {وَلَا جُنُبًا إ} أي: ولا مجنبين، و (الجنب): واحد وجمع إذا كان نعتًا لاسم، يقال: رجل جنب وامرأة جنب وقوم جنب، وإن أقمته مقام الاسم ثنيت وجمعت. وإنما استثنى {عَابِرِي سَبِيلٍ} لضرورة، قال إبراهيم: هو أن لا يجد طريقًا غيره (¬4)، وقيل: هو أن لا يصل إلى الماء الآية فيتيمم ويدخل {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} مقدم على الاستثناء في التقدير {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} بحال تخافون زيادة المرض باستعمال الماء. وقال ابن عباس: هو صاحب الجدري وصاحب القرحة.
{أَوْ عَلَى سَفَرٍ} إن كنتم مسافرين {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} أي: رجع عن قضاء الحاجة. و (الغائط): اسم للمكان المنخفض (¬5). و (اللمس): كناية عن الجماع؛ عن علي وابن عباس وأبي موسى الأشعري (¬6)، ولأنّه لمس مطلق. والمراد بالماء: الماء الشرعي دون
¬__________
(¬1) (جميعًا) ليست في "ب".
(¬2) في "ب": (قلت).
(¬3) في "ب": (قلت).
(¬4) الطبري (7/ 58).
(¬5) ولذا فَسَّر مجاهد "الغائط" بأنه الوادي. أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/ 63).
(¬6) أما عن علي فقد رواه ابن أبي شيبة (1/ 166)، وابن جرير (7/ 67، 68)، وابن المنذر (1820).
وأما عن ابن عباس فرواه عبد الرزاق في مصنفه (506)، وسعيد بن منصور (640 - تفسير)، وابن أبي شيبة (1/ 166)، وابن جرير (7/ 63 - 67)، وابن المنذر في التفسير (1819)، وفي الأوسط (1/ 116).
وأما عن أبي موسى فلم أجده.

الصفحة 596