كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
المؤمنين يريدون بهذا اللفظ هذا المعنى، وقيل: اسمع لا سمعت، وقيل: اسمع غير ممكّن من الاستماع وكأن المنافقين واليهود يريدون بهذا اللفظ أحد هذين المعنيين (¬1). {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} على أنه مفعول له أو على التفسير والطعن في الذين هو الطعن عليه وَعيبُه (¬2)، وقوله: {سَمِعْنَا} وما بعده يدل على ما في قلبه {وَانْظُرْنَا} أي: انتظر وتأنّ بكلامك {لَكَانَ} هذا القول الثاني (¬3) {خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} أعدل وأقسط وأبعد عن الليّ {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ} حرمهم التوفيق لمثل هذه المقالة المحمودة خبرًا لكفرهم أو أمره {إِلَّا قَلِيلًا} منهم ويحتمل {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬4) إيمانًا قليلًا، وذلك قولهم (¬5): {نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} [النساء: 150].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} نزلت في شأن اليهود (¬6) ويحتمل العموم في أهل الكتاب وغيرهم بادروا وقت هذا الوعيد الكائن لا محالة، والوعيد أحد شيئين: إمّا طمس الوجوه وردها على أدبارها وإما اللعن، واختلف في الطمس والرد على الأدبار، قيل: محو آثار الوجوه من أصلها وصرف الأعين إلى الأقفية والمشي قهقرى؛ عن ابن عباس وابن جريج (¬7)، وقيل: الطمس (¬8) كختم القلوب وإغشاء الأسماع والأبصار وهو الخذلان،
¬__________
(¬1) أي يقول اليهود عندما كانوا ينالون من نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ويسبونه كانوا يقولون له: اسمع لا سمعت، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. أخرجه عنه الطبري في تفسيره (7/ 105).
(¬2) (وعيبه) ليست في "ب".
(¬3) (الثاني) ليست في "ب".
(¬4) (إلا قليلًا) من الأصل فقط.
(¬5) (قولهم) ليست في "ب".
(¬6) ابن جرير (7/ 118)، وابن المنذر (1847)، وابن أبي حاتم (5411)، والبيهقي في السنن (2/ 533، 534).
(¬7) أما عن ابن عباس فرواه ابن جرير (7/ 112)، وابن أبي حاتم (5412،5415) من طريق العوفي عنه.
وأما عن ابن جريج فلم أجده.
(¬8) في "ب": (الطمث).