كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{طَائِرُهُمْ} حظهم المقدر من خير أو شر، وكأنه سمي الطائر لسرعة وجوده ومجيئه كما يقال: طارت الكلمة والصبح المستطير.
{مَهْمَا} حرف شرط ولا بد من أن يكون كله أو بعضه اسمًا موصولًا، وهي حرف على صيغة تلك، وقيل: أصلها ماما (¬1) الأولى للشرط والثانية للتأكيد دخلت على الأولى، وقيل: حرفان، مه للزجر وما للشرط (¬2).
{الطُّوفَانَ} جمع واحدتها طوفانة كالرمان والحصبان، وقيل: مصدر كالرجحان والخسران، وقال ابن عباس: الطوفان أمر من الله تعالى طاف بهم ثم قرأ {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ} (¬3) [القلم: 19]، وقال عطاء ومجاهد: أنه الموت الذريع (¬4)، وقال وهب: هو الطاعون بلغة اليمن (¬5)، وعن
¬__________
(¬1) في "ب": (أصله)، وفي "ي": (ما) واحدة.
(¬2) أولًا: من حيث الإعراب، فجمهور النحاة على أنها اسم شرط يجزم فعلين كـ"إنْ" إلا أنها اسم لا حرف بدليل عود الضمير عليها ولا يعود الضمير على حرف كقوله تعالى: {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ} [الأعراف: 132].
ثانيًا: من حيث التركيب، اختلف النحويون هل هي بسيطة أو مركبة؟ فقيل: هي مركبة من ماما فكررت "ما" الشرطية توكيدًا فاستثقل توالي لفظين فأبدلت ألف "ما" الأولى هاء، وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي وأتباعه من أهل البصرة: زيدت "ما" على "ما" الشرطية كما تزاد على "إِنْ" في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} [البقرة: 38] فعُمِل العمل المذكور للثقل الحاصل. والاحتمال الذي ذكره المؤلف وهو أنها مركبة من مَهْ التي هي اسم فعل بمعنى الزجر و"ما" الشرطية هو قول الكسائي، وقيل: هي مركبة من مَهْ بمعنى اكفف ومَنْ الشرطية بدليل قول الشاعر:
أماويَّ مَهْ مَنْ يستمعْ في صديقه ... أقاويل هذا الناس ماويَّ يَنْدَمِ
فأبدلت نون "مَنْ" ألفًا. وذكر مكي هي مركبة مِنْ مَنْ وما، فأبدلت نون مَنْ هاءً وذلك لمؤاخاة "مَنْ" "ما" في أشياء.
[معاني القرآن للزجاج (2/ 408)، شرح الجمل لابن عصفور (2/ 195)، الدر المصون (5/ 431)، الكتاب (1/ 433)، المشكل (1/ 327)].
(¬3) ابن جرير (10/ 381)، وابن أبي حاتم (8858).
(¬4) أما عن عطاء فرواه ابن جرير (10/ 380). وأما عن مجاهد فعند ابن جرير أيضًا (10/ 379) وروي مرفوعًا عن عائشة بسند ضعيف، وقيل: بل موضوع. انظر: تفسير ابن كثير (3/ 458).
(¬5) ذكره عنه ابن الجوزي في "زاد المسير" (3/ 248).

الصفحة 795