كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
حصان فتقدم جبريل بين يدي فرعون والروكة كأنها تستودق (¬1) فَصَال عليها الحصان ولم يستطع فرعون أن يمسكه حتى اقتحم البحر ولم يلتطم (¬2) فظن العسكر أن البحر إنما انفلق بأمر فرعون فاتبعوه كلهم، فلما خرجت بنو إسرائيل ودخل فرعون مع قومه كلهم في البحر أتم الله مقدوره فيه.
{مَشَارِقَ الْأَرْضِ} أرض فرعون {بَارَكْنَا فِيهَا} (¬3) أي بالخصب، وقيل الأرض المقدسة، وقيل: كلتاهما (¬4) و (الكلمة الحسنى) العِدَة الجميلة (¬5) وإنما قال {عَلَى} لأنها نعمة. {وَدَمَّرْنَا} أهلكنا، وفائدة إهلاك قصورهم وعروشهم هو آثارهم ليعتبر به غيرهم لقوله {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا (¬6)} [النمل: 52] أو لأنها كانت لا تصلح للمسلمين فهدموها ونقضوها وبنوا أبنية إسلامية، وكان نبينا -عليه السلام- (¬7) يأمر بهدم الأطام (¬8) بالمدينة (¬9).
¬__________
(¬1) الروكة: قال ابن الأعرابيِ هو صوت الصدى. وقوله: (تستودق) من الودق وهو المطر، ومنه قوله تعالى: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [النور: 43].
[عمدة القاري (19/ 105)، تاج العروس (27/ 180)].
(¬2) في الأصل و"أ": (يلتضم).
(¬3) (باركنا فيها) ليست في "ب".
(¬4) في الأصل و"أ": (كفاهما).
(¬5) الكلمة الحسنى في قوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} [الأعراف: 137] هي التي بيَّنها وفصَّلها الله في سورة "القصص"، الآيتان: 5 - 6، في قوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)} [القصص: 5، 6]. وهذا اختيار ابن جرير الطبري في تفسيره (10/ 406)، وابن كثير (2/ 306)، والشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (2/ 331)، ولذا صح عن مجاهد أن الكلمة الحسنى: "هي ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين الله لهم في الأرض ما ورثهم منها" أخرجه الطبري (10/ 406).
(¬6) (بما ظلموا) ليست في "ب".
(¬7) (السلام) ليست في "ي".
(¬8) في الأصل (الإلهام)، وفي "أ": (الإلحام).
(¬9) لم نجد لهذا الحديث أصلًا فيما بين أيدينا من المصادر بل كانت الآطام موجودة حتى بعد وفاة النبي -عليه السلام- لحديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - حيث قال: "حين توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس وكنت منهم، فبينا أنا جالس في ظل أطم من الآطام مر علي عمر - رضي الله عنه - ... ". وذكر الحديث بطوله أخرجه أحمد =