كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

الشيء لا يغاير الأمر وما كلفهم الله من الأحكام الثقيلة والأغلال فألزمهم من الضيق والحرج عقوبة لجرائمهم لقوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160] {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ} أمثال ورقة وبحيرا الراهب {وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} أمثال عبد الله بن سلام والقسيسين والرهبان والذين اتبعوا {النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} أمثال كعب الأحبار إلى يوم القيامة.
{وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ} أمة منقرضة (¬1) في سالف الزمان، تقديره: ومن الأمة {أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ} قال: {مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} [الأعراف: 168] ثم قال: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف: 169] وقيل: الأمة الهادية قوم استقاموا على شرائع التوراة قبل نسخها بقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} [آل عمران: 85]، وقيل: المراد بها عبد الله بن سلام وأصحابه الذين يتبعون الرسول النبي الأمي، وقيل: المراد بها قوم وقعوا بأرض وراء الصين رآهم نبينا -عليه السلام- (¬2) ليلة المعراج ودعاهم إلى الإسلام وتحويل السبت إلى الجمعة على سنة الإسلام فأجابوه وآمنوا به، وقيل: هؤلاء القوم على شريعة التوراة بعد، وهم معذورون لأنهم لم يروا نبينا -عليه السلام- (2) ولم يسمعوا القرآن ولم يبلغهم خبر الإسلام على سبيل الاستفاضة فإن جهة الوصول إليهم جهة واحدة وهي وادٍ من رمل جارٍ يخسف بمن اجتازه (¬3) إلا يوم السبت، ولا يستنكر أن يكونوا قد غيروا وبدلوا في أيامنا وكانوا كما وصفهم الله تعالى حالة نزول الآية {يَهْدُونَ بِالْحَقِّ} أي يهدون من يصل إليهم من كفار نواحيهم ويهدون صبيانهم بالقول الحق والأمر الحق {وَبِهِ يَعْدِلُونَ} فيما بينهم.
{فَانْبَجَسَتْ} انفجرت.
{وَاسْأَلْهُمْ} وفائدة السؤال التقرير عن القرية عما أصاب أهلها إذ
¬__________
(¬1) في "ب": (متفرقة).
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) في "ب" "ي": (يجتازه).

الصفحة 808