كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} نزلت في غزوة بدر (¬1) في شهر رمضان سنة اثنتين، وسبب غزوة بدر أن عيرًا لقريش قدم من الشام فيهم أبو سفيان وعمرو بن العاص، فأراد النبي -عليه السلام- (¬2) أن يخرج إليهم فيغير عليهم وهو يريد العير والله يريد النفير، فكان ما أراد الله. وذلك أن أبا سفيان سمع بخروج النبي -عليه السلام- فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة مستنجدًا مستنفرًا، وكانت (¬3) عاتكة بنت عبد المطلب (¬4) قد رأت في المنام قبل مقدم
¬__________
(¬1) لا خلاف أن آية الأنفال نزلت في غزوة بدر لكن اختلفوا في سبب نزولها على ثلاثة أقوال:
الأول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: "من قتل قتيلًا فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا وكذا"، فأما المشيخة، فثبتوا تحت الرايات، وأما الشبان، فسارعوا إلى القتل والغنائم، فقال المشيخة للشبان: أشركونا معكم، فإنا كنا لكم رداء، فأبوا، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت سورة الأنفال. روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بسند حسن.
أخرجه أبو داود (2737)، والنسائي في التفسير (217)، والبيهقي (6/ 291)، والحاكم (2/ 131) وصححه ووافقه الذهبي.
القول الثاني: أن سعد بن أبي وقاص أصاب سيفًا يوم بدر، فقال: يا رسول الله، هبه لي، فقال: "اذهب فاطرحه في القبض". فرجعت، وبي ما لا يعلمه إلا الله، فما جاوزت إلا قريبًا حتى نزلت آية الأنفال فقال رسول الله: "اذهب فخذ سيفك".
أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 370)، وسعيد بن منصور (2689)، وأحمد (1/ 180)، وأخرجه مسلم مختصرًا (1748) وغيرهم.
والقول الثالث: أن الأنفال كانت خالصةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس لأحد منها شيء فسألوه أن يعطيهم منها شيئًا فنزلت هذه الآية. روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وسنده فيه ضعف.
أخرجه البيهقي (6/ 293)، والطبري (15679) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(¬2) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (- صلى الله عليه وسلم -).
(¬3) في الأصل و"ي": (كان).
(¬4) عاتكة بنت عبد المطلب بن هشام، عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت زوج أبي أمية بن المغيرة والد أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو عمر بن عبد البر: اختلف في إسلامها والأكثرون يأبون ذلك، وذكرها العقيلي في الصحابة وكذا ابن حجر في الإصابة، وذكر ابن إسحاق أنه لم يسلم من عمات النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا صفية، وذكر ابن فتحون في =