كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

يكون {ذَلِكُمْ} في محل النصب بإضمار اعلموا الإيمان (¬1). و (التوهين): إحداث الوهْن والضعف.
كان المشركون (¬2) عند خروجهم إلى بدر تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا: اللَّهم انصر أحب الفئتين إليك، وكان أبو جهل يقول يوم بدر (¬3): "اللَّهمَّ أقطعنا للرحم وأفسدنا للجماعة فأحنه اليوم" فنزلت {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا} (¬4).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} اتصالها بما قبلها من حيث سبق ذكر مجادلتهم في الخروج، والواو في قوله: {وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} للحال أي لا يتولوا عنه سامعين دعاءه إياكم، وأما (¬5) من لم يسمع فهو معذور (¬6).
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ} نزلت في بني عبد الدار بن قصي لم يسلم منهم إلا اثنان وكان أكثرهم منافقين (¬7)، وقيل: نزلت في الذين قالوا: {قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} [الأنفال: 31] (¬8) أخبر أنهم لم يسمعوا سمع الانتفاع والاعتبار.
و {شَرَّ الدَّوَابِّ} الناس بدليل قوله: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ
¬__________
(¬1) يجوز أن يكون "ذلكم" مرفوعًا على الابتداء، والتقدير: ذلكم الأمر والخبر محذوف؛ قاله الحوفي، وذهب سيبويه إلى أنه خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: الأمر ذلكم.
[الكتاب (1/ 463)، الدر المصون (5/ 587)].
(¬2) في "أ" بدل (كان المشركون): (كالمشركين).
(¬3) (يوم بدر) ليست في "أ".
(¬4) في "ب" "ي": اليوم {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا} الآية. وفي "أ": (اليوم فنزلت {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا} الآية).
(¬5) في الأصل: (ولها).
(¬6) في الأصل (موزون).
(¬7) أحمد (5/ 431)، والنسائي في الكبرى (11201)، وابن أبي شيبة (14/ 359)، وابن جرير (11/ 91، 93)، وابن أبي حاتم (5/ 1675)، والحاكم (2/ 328)، والبيهقي (3/ 74) والحديث صحيح.
(¬8) روي ذلك عن ابن عباس، أخرجه البخاري (4646)، وابن جرير (11/ 101)، وابن أبي حاتم (1677)، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (3/ 336).

الصفحة 836