كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

واحد، وديناه إلى عشيرته ولا يقدرون على المطالبة بالقود فإنهم لا يقاومُون قريشًا بأجمعهم، قال إبليس: صدق هذا الشاب والرأي ما رآه، وأثنى عليه، فتفرقوا على ذلك وهبط جبريل -عليه السلام- يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويأذن له في الهجرة، فلما كان ليلة الاغتيال وثب عن (¬1) فراشه وخلّف عليًا مكانه وخرج من باب بيته وإذا هم وقوف مجتمعون فصرف الله أبصارهم عنه حتى أخذ التراب وحثى على رؤوسهم، ثم انطلق إلى أبي (¬2) بكر فصحبه أبو بكر في الهجرة (¬3) وكانا قد دبرا في ذلك من قبل فوفقهما الله تعالى لذلك فنزلت الآية (¬4)، يذكر الله نعمته وإن كان هو ذاكرًا ليزداد شكرًا أو ليعتبر به المعتبرون.
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا} نزلت في المشركين الذين تحداهم رسول الله (¬5) بمثل سورة من القرآن عامة وفي النضر بن الحارث بن كلدة كان يتحيز إلى الروم وفارس ويسمع أقاصيص رستم وإسفنديار فقال (¬6): قد سمعنا القرآن ولو شئنا لقلنا مثله (¬7)، وقد كذب الملعون وادّعى ما لا يقدر عليه وأصحابه، ولو قدروا لقالوا شيئًا مع طول المحاورة (¬8) والمجاورة وكثرة التحدي، فإن ذلك لو قدروا عليه لكان أيسر في ردّ النبي -عليه السلام- وأهون وأوحد وأمكن من القتال وبذل الأموال ومصادفة الرجال، ألا ترى أن طليحة الأسْدي ومسيلمة الكذاب كيف تكلفا وتوخيا المقابلة بما افتضحا به، حتى قال أبو بكر الصدَّيق لطليحة وأصحاب
¬__________
(¬1) في "ب": (على).
(¬2) في الأصل: (أبو).
(¬3) في الأصل: (المفجرة).
(¬4) قريبًا منه عند ابن هشام في السيرة (1/ 480) عن ابن إسحاق، وابن جرير (11/ 134، 135)، وابن أبي حاتم (5/ 1686)، وأبو نعيم في الدلائل (154)، والبيهقي في الدلائل (2/ 468).
(¬5) في "ب": (الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬6) في الأصل: (وقال).
(¬7) ابن جرير (11/ 143) عن سعيد بن جبير.
(¬8) في "ب": (المجاوزة).

الصفحة 840