كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

موجب العذاب فقال: {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ} أي يصدون المؤمنين عن الحج والعمرة غصبًا من غير أن يكون إليهم ولاية المسجد الحرام عند الله تعالى وفي حكمه، ثم أخبر الله عن أولياء المسجد الحرام فقال: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ}.
{مُكَاءً} صفيرًا {وَتَصْدِيَةً} تصفيقًا وتوليد الصدى، والصّدى (¬1): هو الصّوت المنعكس، كانت قريش تصفّر وتصفق وتعتقد أنها صلاة ودعاء وذلك من وسواس الشيطان لهم (¬2) ليصدهم عن التسبيح والتهليل، قال حسّان:
إذا قام الملائكة اتبعتم ... صلاتكم التصفير والمكاء (¬3)
فأنكر الله تعالى ذلك عليهم وأخبر بقبح فعلهم وسوء رأيهم {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} خطاب لهم بلغهم (¬4) يوم بدر.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ} نزلت في المطعمين يوم بدر؛ عن الضحاك (¬5)، وفي أبي سفيان حين استأجر ألفي رجل من الأحابيش (¬6) من كنانة واستجاش من سائر العرب يوم أحد؛ عن قتادة (¬7) ومجاهد وغيرهما.
¬__________
(¬1) في الأصل: (والصد).
(¬2) (لهم) ليست في الأصل و"أ".
(¬3) ذكره نافع بن الأزرق في مسائله عن ابن عباس (63)، وبيت حسان بن ثابت مذكور في لسان العرب (13/ 164 - مكا) صلاتهم التصدي والمكاءُ بهذا اللفظ.
(¬4) في الأصل: (بلغتهم).
(¬5) المشهور عن الضحاك أنها نزلت في أهل بدر كما عند ابن جرير (11/ 174) وغيره. أما المطعمين وهم اثنا عشر رجلًا منهم أبو جهل وعتبة وشيبة وغيرهم كما عند البغوي (1/ 355) عن الكلبي ومقاتل، ويروى كذلك عن ابن عباس كما في زاد المسير (3/ 355).
(¬6) هم أحياء انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشًا، وقيل: حالفوا قريشًا تحت جبل يسمى حبيشًا، انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 330).
(¬7) عزاه بصورة عامة لقتادة ومجاهد ابن كثير في تفسيره، ولكن رواية الأحابيش معروفة عن سعيد بن جبير كما عند ابن جرير (11/ 170)، وابن أبي حاتم (5/ 1697)، وابن عساكر (23/ 438)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (3/ 184) إلى ابن سعد وعبد بن حميد وأبي الشيخ.

الصفحة 842