كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
أوّلها غرّة ذي القعدة فأمر الله نبيه أن يتم إليهم عهدهم إلى مدتهم، وقيل: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] في قوم (¬1) لم يكن لهم ذمة فأجلهم رسول الله بخمسين يومًا أوّلها يوم الحج الأكبر، وليس هذا بسديد؛ لأن من الحج الأكبر إلى انسلاخ المحرم ثمانين يومًا على التخمين، وكان -عليه السلام- قد بعث أبا بكر إمامًا للناس في الحج فنزل جبريل (¬2) -عليه السلام- (¬3) وأمر النبي -عليه السلام- (¬4) أن يبعث رجلًا من أهل بيته - ثلاث عشرة آية من أول هذه السورة - إلى الموقف والمنحر ليقرأ على الناس فبعث عليًا فقرأها عليهم، قالوا: برئنا منك ومن ابن عمك وبرئتما منا إلا مِنَ الضرب والطعن، ثم ندموا وأقاموا على العهد المذكور إلى أن دخلوا في الإسلام أفواجًا.
{بَرَاءَةٌ} خبر ابتداء محذوف تقديره: هذه براءة، قوله: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} وقيل: براءة مبتدأ، {إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} خبره (¬5) وكذلك {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} خبره وإنما أسندت المعاهدة إلى المؤمنين؛ لأن أمر رسول الله -عليه السلام- (4) وأمر المؤمنين واحد.
{فَسِيحُوا} تمهيل، والسياحة: هو الضرب في الأرض.
¬__________
(¬1) في الأصل و"أ": (قوله) وهو خطأ.
(¬2) (جبريل) ليست في "أ"، وفي "ب": (ونزل جبريل) بالواو.
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) في "ي" لا توجد (السلام) وبدلها (صلى الله عليه السلام).
(¬5) الجمهور على رفع {بَرَاءَةٌ} فقيل كما ذكره المؤلف أنها خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذه براءة، ويكون {مِنَ اللَّهِ} متعلقاَ بنفس {بَرَاءَةٌ} لأنها مصدر.
والقول الثاني: إن {بَرَاءَةٌ} مرفوعة بالابتداء والخبر قوله: {إِلَى الَّذِينَ} وجاز الابتداء بالنكرة لأنها تخصصت بالوصف بالجار بعدها، وأما على قراءة النصب {بَرَاءَةٌ} فتكون منصوبة على الإغراء، والتقدير: التزموا "براءة" كما قال ابن عطية وهذه القراءة قراءة عيسى بن عمر.
[مختصر شواذ ابن خالويه (ص 51)، البحر (5/ 4)، المحرر (8/ 125)، الدر المصون (6/ 5)].