كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أبا هريرة، اهتف بالأنصار"، فنادى: يا معشر الأنصار، أجيبوا رسول الله (¬1)، فجاؤوا كأنما كانوا على ميعاد ثم قال: "اسلكوا هذا الطريق ولا يشرفن أحد عليكم إلا آلمتموه"، أي: قتلتموه، وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل المسجد. وما قتل ذلك اليوم إلا أربعة، ودخل صناديد قريش الكعبة يظنون أن السيف لا يرفع عنهم فأخذ رسول الله بعضادتي الباب، وقال: "ما تظنون؟ "، فقال: نقول: أخ وابن عم حليم رحيم، فقال رسول الله -عليه السلام- (¬2): "إني أقول كما قال يوسف -عليه السلام-: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] " الآية فخرجوا من الكعبة كأنما نشروا من القبر ودخلوا في الإسلام (¬3).
قالت عائشة: ما من بلدة إلا فتحت بالسيف إلا المدينة فإنها فتحت بـ "لا إله إلا الله" (¬4).
وقوله: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} [الفتح: 22] في شأن أسد وغطفان، وقيل: في الحديبية وذلك قوله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} [الفتح: 24] كان المشركون بعثوا أربعين رجلًا وقتل اثنا عشر لاغتيال أصحاب (¬5) رسول الله عام الحديبية فأظهرهم (¬6) الله عليهم فأخذوهم وجاؤوا بهم إلى النبي -عليه السلام- (¬7) فأطلقهم. قد دلَّ كتاب الله وتواترت الروايات وأجمع أصحاب السير أن مكة فتحت عنوة، ثم منَّ عليهم النبي -عليه السلام- (7) وأطلقهم ولم يقسم أموالهم فسمُّوا طلقاء، فمن قال: فتحت صلحًا فقد خالف الكتاب والسنة وخرق الإجماع (¬8).
¬__________
(¬1) في "ب": (صلى الله عليه وسلم).
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) ذكره الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 325).
(¬4) لم نجد هذا الأثر عن عائشة - رضي الله عنها -.
(¬5) (أصحاب) ليست في الأصل.
(¬6) في الأصل: (فأظهر الله).
(¬7) (السلام) ليست في "ي".
(¬8) ممن ذهب إلى أن مكة لم تفتح عنوة الشافعي فقط، وهذا دليل جديد على أن مؤلف التفسير حنفي المذهب.

الصفحة 865