كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
{وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ} الشفاء إزاحة الأذى من مرض أو غضب أو حزن، وكان شفاء المؤمنين حين صعد بلال على سطح الكعبة ورفع صوت الأذان، قال خالد بن أسيد (¬1): الحمد لله الذي لم يبق أسيد إلى هذا اليوم، وقال الحارث بن هشام: إن كنت لأبغض أن ينهق عليها بلال بن أبي رباح، وقال سهيل بن عمرو: دعوه إن لها ربًا (¬2) إن شاء أن ينصرها نصرها، وقالت جويرية بنت أبي جهل حين سمعت اسم رسول الله في الأذان: والله لقد رفع ذكرك، ولما سمعت قوله: قد قامت الصلاة، قالت: أما القيام فسأقوم ولكني لا أحب قاتل أخي أبدًا، والمؤمنون يسمعون منهم أحاديثهم هذه ويضحكون عليهم.
{وَلِيجَةً} هو الذي يلج عليك وتلج عليه على كل حال ولا يكتم عنه سره (¬3) (¬4).
{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ} نزلت في الرد على المشركين حين افتخروا بعمارة المسجد الحرام وسقي الحجيج، وقيل: إنما نزلت هذه السورة في آخر ما نزلت في المدينة في أيام فتح مكة وتوفي [رسول] (¬5) الله قبل أن يبين موضعها، فالظاهر أن المفتخرين: أبو سفيان والحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وسهيل ابن عمرو (¬6) وخالد بن أسيد.
¬__________
(¬1) قول خالد عند ابن أبي شيبة (36900) وأبوه قتل في معركة بدر، ورأيت رواية للواقدي ذكرها ابن كثير في "البداية والنهاية" (4/ 232) ذكر فيها قريبًا من هذا وليس فيه ذكر للحارث بن هشام.
(¬2) في الأصل (عمير ودعره بن أيا ربا).
(¬3) قال أبو جعفر النحاس والفراء وابن قتيبة: الوليجة -كما في الآية- بطانة من المشركين يتخذونهم ويفشون إليهم أسرارهم ويعلمونهم أمورهم، وقال أبو عبيدة: كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة.
[معاني القرآن للفراء (1/ 426)، إعراب القرآن للنحاس (83)، زاد المسير (2/ 242)].
(¬4) في "أ": (مرة).
(¬5) في جميع المخطوطات (وتوفى الله) وهو خطأ فظيع وشنيع وأن السقط واقع لا محالة.
(¬6) (بن عمرو) ليس في "أ".