كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
{مَا كَانَ} أي: لم يكن معتدًا به ولم يصح ولم يقع موقعه فعلهم ذلك، و (العمارة) ضد التخريب، (شهادتهم) على أنفسهم بالكفر: جهرهم به وإن لم يعدوه كفرًا وإنما صحّ العمارة من آمن بالله.
{أَجَعَلْتُم} فضيلة سقاية الحاج كفضيلة، {كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} قال الحسن البصري: لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدعوها فإن لكم فيها أجرًا" (¬1) فلولا أن الآيات نزلت في فتح مكة ولكن رسول الله ولى السقاية عمه عباسًا وأولاده بعد الفتح وقال: "انزحوا ولولا أن يزاحمكم الناس لنزحت معكم" (¬2)، وأذن في البيتوتة بمكة لأجل السقاية ليالي مني (¬3)، فصار عباس جامعًا بين السقاية وبين الهجرة والجهاد، ونال بكلتي الفضيلتين ثم نال فضيلة الاستسقاء على منبر رسول الله في أيام عمر (¬4) مع ما خصّه الله تعالى من عمومة نبيه -عليه السلام- وولاية مواليه وذريته وأبوَّة خلفائه من غير منازع ولا مدافع فللَّه الحمد (¬5).
{أَعْظَمُ دَرَجَةً} شرفًا أو ثواب الدنيا ليصح التفضيل على الكفار، وإن حُمل على درجات الآخرة، كان التفضيل على سبيل التوسع (¬6) والمجاز.
{نَعِيمٌ} رفع لقوله {لَهُمْ} فيحسن الوقف على {وَرِضْوَانٍ} ويجوز أن يكون متعلقًا بـ {وَجَنَّاتٍ} فيوقف على {لَهُمْ} (¬7).
¬__________
(¬1) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 272 - 273) لأبي الشيخ.
(¬2) البخاري (1635).
(¬3) استئذان العباس مروي في الصحيحين.
(¬4) استسقاء عمر بالعباس في البخاري (964).
(¬5) يقصد خلافة بني العباس.
(¬6) في "أ": (التوسيع).
(¬7) يجوز في {لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ} [التوبة: 21] أن تكون صفة لـ {وَجَنَّاتٍ} وأن تكون صفة لـ {بِرَحْمَةٍ} [البقرة:218] وجوز ذلك مكي والسمين الحلبي، وجوز مكي أن تعود الصفة على البشرى المفهومة من قوله: {يُبَشِرُهُم}، ويجوز أن يكون (نعيم) =