كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

أمر القتال، أترى هؤلاء القوم لئن انهزموا ليمنعنهم كسر أجفان سيوفهم فيصيرون على القتل لمكانها؟!
وإن النبي -عليه السلام- (¬1) لما خرج من مكة استعار من صفوان بن أمية دروعًا، وكان صفوان مؤجلًا إلى أربعة أشهر ليسلم ولم يسلم بعدُ فخرج مع النبي -عليه السلام- (¬2) لمكان دروعه، وكان النبي -عليه السلام- (2) في عشرة آلاف فارس وأمر أبا سفيان فخرج في ألفي فارس من طلقاء مكة فكانوا اثني عشر ألفًا، فلما اقتربوا إلى العدو وصعد عباس (¬3) على بعض التلول واطلع على عسكر المسلمين وأعجبته الكثرة ونادى: يا رسول الله، لن نغلب اليوم عن قلة، فقال رسول الله: "مَهْ يا عم وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم"، فلم يمض عليهم ساعة حتى التقت الفئتان وكان رسول الله (¬4) يومئذٍ راكبًا بغلته الشهباء.
وكان العباس أخذ بلجامها وسفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بفرزها (¬5) وعلي يقاتل بين يدي رسول الله، فأمر مالك بن عوف جموعه أن يحملوا على المسلمين حملة واحدة، لم يقم أحد من المسلمين وانكشفوا عن رسول الله (¬6) وكان كما قال الله تعالى: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} إنما ابتلوه (¬7) لكلمة عباس وإعجابه بالكثرة وكما قال عباس: أعجب بالكثرة وكان كثير من الناس أعجبوا بها فلم يبق مع رسول الله إلا عباس وعلي والفضل بن عباس وسفيان بن حارث بن
¬__________
(¬1) (السلام) ليست في "ي" وبدلها في "ب": (صلى الله عليه وسلم).
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) لم نجد مَنْ عزاه للعباس وإنما عزوه لمجهول، وبعض الروايات عزته لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.
(¬4) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬5) بفرزها: الفرز: ركاب الرجل، لسان العرب: (فرز)، وقد تطلق على النصيب كما في
الحديث: "من أخذ شفعًا فهو له ومن أخذ فرزًا فهو له" [العين (7/ 362)].
(¬6) (عن رسول الله) ليست في "أ".
(¬7) في "ب": (ابتلوا).

الصفحة 869