كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
المشركين فوعدهم الله أن يغنيهم من فضله عوضًا لهم (¬1)، قال الطحاوي: العوض هي الجزية المذكورة بعد هذه، وقال الفراء: العوض هو خصب تبالة وحرش أسلموا وحملوا طعامهم إلى مكة (¬2)، (النجس) شيء مستقذر وإذا قرنت به الرجس كسر النون قيل رجس نجس، {عَيْلَةً} فقرًا، ووجه تعليق الموعود بالمشيئة تصور موت كثير منهم قبل إنجاز الوعد وتصور فقر كثير منهم مع وجود الشرط وهو خوف العيلة بسائر أسباب الفقر وكل ذلك بتقدير الله.
{قَاتِلُوا الَّذِينَ} عامة في قتال أهل الكفر، وتقديرها: والذين لا يحرمون والذين لا يدينون، وقد خرج عن عمومها النساء والذرية والمشايخ غير ذوي الرأي والعميان والزمنى (¬3) والأساقفة والرهبان الذين وقع الأمن من جهتهم، قال علي: كان رسول الله (¬4) إذا بعث جيشًا من المسلمين قال: "انطلقوا بسم الله في سبيل الله" إلى أن قال: "ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً ولا شيخًا كبيرًا" (¬5).
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث جيوشه قال: "اغزوا بسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع" (¬6)، وكذا أبو بكر الصديق إلى يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة حين بعثهم إلى الشام (¬7)، ويحتمل أن الآية خاصة في المقاتلين دون من وقع الأمن من
¬__________
(¬1) ابن أبي حاتم (6/ 1777).
(¬2) قول الفراء مروي قريب منه عن عكرمة كما عند القرطبي (8/ 95).
(¬3) (والزمنى) بياض في "أ".
(¬4) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬5) عبد الرزاق في مصنفه (9430)، وابن أبي شيبة (6/ 483)، وسعيد بن منصور (2476)، وتمام في فوائده (200)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 233).
(¬6) أحمد (1/ 300)، والطبراني في الكبير (11562)، وفي الأوسط (4162)، وأبو يعلى (2549)، والحديث حسن.
(¬7) ورد ذلك في وصية أبي بكر لجيش أسامة كما في الطبري في تاريخه (2/ 246)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (2/ 50).