كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

يحتاج إلى صلةٍ (¬1). والإنعام ها هنا: التوفيق والتثبيتُ والختمُ بالسعادة (¬2).
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وهم اليهود (¬3)، لقوله تعالى في شأنهم: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} (¬4). {وَلَا الضَّالِّينَ}: النصارى، لقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (¬5). ويجوز أن يكون المراد بالآية جميع مَن لم يُنعَم عليهم بالهداية لحصول الإجماع أن اليهودَ ضالون مع كونهم مغضوبًا عليهم، وأنَّ النصارى مغضوبٌ عليهم مع كونهم ضالِّين.
وقوله (¬6).
(آمين)، قال ......................................
¬__________
(¬1) وجملة الصلة فيه هي {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لا محل لها من الإعراب، والهاء والميم في {عَلَيْهِمْ} يعود على {الَّذِينَ}، وفي {عَلَيْهِمْ} خمس لغات قُرِىءَ بها كلها ذكرها أبو جعفر النحاس في "إعراب القرآن" (1/ 124).
(¬2) خير ما يفِسر به القرآن القرآن، وقد أوضح الله - عَزَ وَجَلَّ - في موضع آخر معنى قوله: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فقال - عَزَ وَجَلَّ -: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} [النساء: 69]. وقد أشار إلى ذلك العلامة محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره "أضواء البيان" (1/ 104).
(¬3) جاء ذلك صريحًا في أن المغضوب عليهم هم اليهود وأن الضالَّين هم النصارى فيما رواه الإِمام أحمد في مسنده (5/ 32) وعبد الرزاق كما في "الدر المنثور" (1/ 16) وأبو يعلى في مسنده (7179) والطحاوي (3/ 301) والبيهقي (6/ 324). وقال ابن كثير في تفسيره (4/ 4): إسناده صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 159): إسناده حسن. عن عبد الله بن شقيق: أنه أخبره من سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بوادي القُرَى، وهو على فرسه وسأله رجل من بني القَيْن، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: "المغضوب عليهم" وأشار إلى اليهود. قال: فمن هؤلاء؟ قال: "هؤلاء الضالين ... " الحديث.
(¬4) البقرة: 90.
(¬5) المائدة: 77.
(¬6) أي: قول قارئ الفاتحة، وإلا فإنَّ (آمين) ليست من كتاب الله بالإجماع. وهي - أي (آمين) اسم فعل أمر مبني على الفتح، ومعناه: "استجيب". وأما اللغتان اللتان ذكرهما المؤلف في (آمين) فالأولى لغة المَد على حد قول الشاعر:
آمين آمين لا أرضى بواحدةٍ ... حتى أُبَلِّغَهَا ألفينِ آمينا =

الصفحة 89