كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
{متدخلًا}، {يحمَحُونَ} يميلون؛ عن ابن عرفة، ويسرعون؛ عن الأزهري (¬1).
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ} كان المنافقون ينسبون (¬2) رسول الله (¬3) في قسم الصدقات إلى الميل والعناية ووضعها في غير موضعها فإن أعطاهم أمسكوا عن العيب وإن لم يعطهم سخطوا فأنزل الله الآية (¬4)، و (اللمز): العيب.
وجواب قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا} مضمر وتقديره: لكان خيرًا لهم (¬5)، وفضل الله الغنائم والصدقات وسائر أبواب الرزق، ندب إلى مثله قول علي - رضي الله عنه - (¬6):
رضيت بما قسم الله لي ... وفوضت أمري إلى خالقي
لقد أحسن الله فيما مضى ... كذلك يحسن فيما بقي
¬__________
(¬1) الجموح: النفور بإسراع، قال الزجاج: يسرعون إسراعًا لا يرد وجوههم شيء، ومن هذا قيل: فرص جموح وهو الذي إذا حمل لم يرده اللجام.
ومنه الحديث الذي رواه البخاري، كتاب: الطلاق (9/ 388) - الفتح-: "فلما أذلقته الحجارة جمز".
ومنه قول امرئ القيس:
جموحًا مروحًا وإحضارها ... كمعمعة السَّعْفِ المُوْقَد
[لسان العرب (3/ 190) (جمح)، ديوان امرئ القيس (ص 187)، البحر (5/ 35)، الدر المصون (6/ 70)، زاد المسير (2/ 268)].
(¬2) المثبت من "أ" وفي البقية (والغلاف).
(¬3) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬4) الظاهر في سبب نزول الآية ما روي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ قسمًا إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي فقال: اعْدِلْ يا رسول الله، فقال: "ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟ " الحديث.
[أخرجه البخاري (6933)، ومسلم (1064)، والنسائي في الكبرى (1220)، والإمام أحمد (18/ 94 - 11536) وغيرهم].
(¬5) وقيل: الجواب هو"وقالوا" والواو مزيدة وهذا مذهب الكوفيين.
[الدر المصون (7216)].
(¬6) ورد البيت الثاني عند الغزالي في الإحياء (3/ 383)، والألوسي في تفسيره "روح المعاني" (14/ 205).