كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{وَفِي الرِّقَابِ} المكاتبون الذين لا يجدون ما يؤدون به الكتابة ويدخل فيهم من أعتق شقصه واستسعى في الباقي، وقال -عليه السلام-: "من أعان مكاتبًا في رقبته أو غازيًا في عسرته أو مجاهدًا في سبيل الله أظله الله يوم لا ظل إلا ظله" (¬1) (¬2)، {وَالْغَارِمِينَ} الذين عليهم الدين ولا يجدون القضاء، و (الغرم): اللزوم والضمان، {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} الجهاد يدفع إلى فقراء المجاهدين.
{وَابْنِ السَّبِيلِ} المسافر المنقطع عن ماله، والإِسلام شرط في هؤلاء لقوله -عليه السلام- (¬3): "وأردها في فقرائكم" (¬4) سعيد بن جبير عن علي عن ابن عباس: إذا آتى الرجل الصدقة صنفًا من هذه الأصناف الثمانية أجزأه، وروي مثل ذلك عن عمر وسعيد بن أبي وقاص وحذيفة (¬5)، وتابعهم عليه سعيد بن جبير وإبراهيم وعمر بن عبد العزيز وأبو العالية.
{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} كان المنافقون يطفئون الدين ويتكلمون بالكفر ويعيبون رسول الله (¬6) ويقولون: إن بلغهُ قولنا اعتذرنا إليه وحلفنا عنده فسيقبل عذرنا فإنما هو أذن سامعة، وإنما يوصف بهذا من كان سريع الاستماع سريع التصديق من غير تحقيق، والمتكلم بهذه الكلمة جلاس بن سويد (¬7)،
¬__________
(¬1) "الجهاد" لابن أبي عاصم (93)، والبيهقي في السنن (10/ 320).
(¬2) من قوله: (المكاتبون الذين) إلى هنا ليست في "ب".
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) لعله يثير إلى حديث معاذ بن جبل حين بعثه النبي عليه الصلاة والسلام إلى اليمن قال له: "وأعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة توخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم". أخرجه الترمذي (623)، وأبو داود (3039)، والإمام أحمد (5/ 230)، والنسائي (5/ 25) وغيرهم.
(¬5) ذكره ابن أبي شيبة (2/ 405)، والبيهقي (7/ 7، 8) عن حذيفة، وذكر البيهقي كذلك عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي.
(¬6) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬7) هذا أحد أسباب النزول وهو أن الجلاس بن سويد وعبيد بن هلال وخذام بن خالد وآخرين كانوا يؤذون رسول الله ... روي ذلك عن ابن عباس ["زاد المسير" (2/ 272)].

الصفحة 895