كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

كانوا أربعة نفر والذي لم يكن يتكلم هو المختبي، وقيل: المخشي بن خمير وكيفية حذرهم عن نزول السورة أنهم يظنون أن هذه السورة من جهة النبي -عليه السلام- يتقولها من جهة نفسه فيهم وفي أمثالهم فكانوا يكتمون عنه كفرهم لئلا ينزل من جهته الرفيعة شيء في شأنهم الوضيع (¬1)، ويحتمل أنه خبر بمعنى الأمر، أي: فليحذر المنافقون.
{طَائِفَةً} اسم يقع على الواحد والجماعة، {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ} هو الذي لم يكن يتكلم واعترف بذنبه، وقال: استغفر لي يا رسول الله، والطائفة المحتوم على عذابها سائر الركب.
{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ} قال قتادة: كانوا يسمون هذه السورة الفاضحة (¬2) لأنها فضحت المنافقين لم تزل تنزل فيها: ومنهم ومنهم حتى لم تترك منافقًا إلا نبهت عليه، وعن قتادة أيضًا: كنا نسمي هذه السورة المثيرة (¬3) لأنها أثارت مثالب المنافقين ومخازيهم. وعن الحسن كانوا يسمونها الحفارة (¬4) لأنها حفرت فاستخرجت ما في قلوب المنافقين.
وعن عطاء أن سبعين رجلًا من المنافقين أنزل الله أسماءهم ثم نسخ تلك الأسماء (¬5) رحمة منه على خلقه، فإن أولادهم وعشائرهم كانوا مسلمين.
وقيل: لما رجع رسول الله (¬6) من غزوة تبوك عرض له في الطريق اثنا عشر نفسًا من المنافقين في ليلة ظلماء متنكرين يريدون الفتك برسول الله، ووإن عمار بن ياسر يقول راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحذيفة
¬__________
(¬1) زاد المسير (3/ 463).
(¬2) عزاه السيوطي في الدر المنثور (7/ 225) لأبي الشيخ من طريق ابن عباس، وذكره أبو عبيد في فضائل القرآن (130).
(¬3) أورده السيوطي في الدر الممئور (7/ 226) وعزاه لابن المنذر ولمحمد بن إسحاق.
(¬4) ذكره القرطبي عن الحسن (8/ 180).
(¬5) القرطبي عن ابن عباس (8/ 18).
(¬6) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

الصفحة 898