كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

يسوقها (¬1)، فقال -عليه السلام- (¬2) لحذيفة: "اضرب وجوه رواحلهم " فضربها حتى نحاهم وطردهم خائبين، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من عرفت من القوم؟ "، قال: لم (¬3) أعرف أحدًا غير أني عرفت جمل فلان، فسماهم له رسول الله (¬4) حتى عدَّهم أحاد أحاد قال: وفيهم نزلت قوله: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} [التوبة: 74] فقال حذيفة: لا نبعث إليهم يا رسول الله من يقتلهم؟ قال -عليه السلام-: "أكره أن تقول العرب: لما ظفر محمَّد بالعدو أقبل على أصحابه يقتلهم، ولكن الله تعالى يكفيناهم بالدُّبيلة"، قيل: يا رسول الله، وما الدُّبيلة؟ قال: "شهاب من جهنم يرسل على نياط فؤاد أحدهم حتى تزهق نفسه" (¬5)، وعن المقبري عن أبي هريرة أن النبي -عليه السلام- (¬6) سمى لحذيفة المنافقين، وقال: "إياك أن تخبر بأحد منهم حتى آذن لك في ذلك"، وتوفي رسول الله (4) قبل أن يأذن له، فمكث بذلك حذيفة حتى سأله عمر في خلافته فقال: أنشدك الله هل أنا فيمن سمى لك رسول الله؟ فقال: لا والله، ووالله لا أبرىء أحدًا بعدك (¬7)، وإنما سأل عمر لأجل الطاعنين والمتهمين إياه بالجور والميل ولم يكن آمنًا من التخلق ببعض أخلاقهم، فإنما قال حذيفة: والله لا أبرىء لالتزام وصية النبي -عليه السلام- (6) أن لا يخبر به أو خوفه لإعجاب من يبريه أو سمّاهم على النعت دون التعيين، وقيل ما يجد عاريًا عن تلك النعوت جملة.
{نَسُوا اللَّهَ} تركوا ذكره ومراقبته، {فَنَسِيَهُمْ}: خذلهم ولم يذكرهم بالرحمة والخير (¬8).
¬__________
(¬1) في "ب": (يقول بها).
(¬2) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (- صلى الله عليه وسلم -).
(¬3) (لم) ليست في "أ".
(¬4) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬5) البيهقي في الدلائل (5/ 260، 261).
(¬6) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (- صلى الله عليه وسلم -).
(¬7) أحمد (6/ 312)، ومن طريقه ابن عساكر (44/ 307)، وسند الأثر صحيح.
(¬8) هذا قول الزجاج هذا الذي يتعين في حق الله تعالى أن يكون النسيان بمعنى الترك =

الصفحة 899