كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

الآيات، {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} قريات لوط سميت بهذا لانقلابها ظهرًا على بطن (¬1)،وقيل: لإفك أهلها (¬2).
{سَيَرْحَمُهُمُ} أي: سينيلهم ما أراد لهم من الخير في سابق علمه ومشيئته.
{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ} جمع بين صفة المنافقين (¬3) وما وعد لهم في معادهم وصفة المؤمنين وما وعد لهم في معادِهم على سبيل الإطباق للجمع بين الوعد والوعيد والبشارة والإنذار، {عَدْنٍ} خلود وإقامة، تقول: عدنت بأرض كذا وكذا أَعدن وأُعدن عدُونًا وعدنًا ومنه المعدن، وسأل ابن عباس كعبًا عن العدن، فقال: هي الكروم والأعناب بالعبرانية (¬4)، وعن عطاء: أنه نهر جناته على حافتيه (¬5).
وعن الأعمش: وسط الجنة (¬6)، وعن الكلبي: أعلى درجة في الجنة (¬7)، {وَرِضْوَانٌ}: رفع بالابتداء وخبره {أَكْبَرُ}، ثم وهو يحتمل معنيين؛ أحدهما: الجنة من عنده ووعده خير من النار والعذاب المقيم، والثاني: إرضاؤه عنهم أكبر من وعده (¬8) لهم؛ لأن الرضا يوجب أمن العافية ودوام العافية والجنة لا توجب ذلك، فإن آدم وحواء أُخْرِجَا منها على سبيل التأديب والتعذيب، وأخرج منها الطاووس والحية على سبيل
¬__________
(¬1) روي ذلك عن قتادة أخرجه الطبري في تفسيره، وهي جمع مؤتفكة كما قال الزجاج: ائتفكت بهم الأرض، أي: انقلبت، والمادة تدل على التحول والتصرف، ومنه قوله تعالى: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9)} [الذاريات: 9]، أي: يصرف.
[الطبري (11/ 555)، زاد المسير (2/ 277)].
(¬2) في الأصل "أ": (أهلكها).
(¬3) (المنافقين) من "ب" "ي".
(¬4) الطبري (11/ 560)، وفيه بالسريانية بدل العبرانية.
(¬5) الطبري (11/ 560).
(¬6) ورد في تفسير (عدن وسط الجنة) عند القرطبي دون نسبة لأحد، وعزاه الشوكاني في فتح القدير (9/ 264) للقشيري.
(¬7) البغوي (1/ 73)، والقرطبي (8/ 186).
(¬8) في الأصل (وعد).

الصفحة 901