كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

المسخ (¬1)، وأخرج إبليس على سبيل الطرد واللعن وكان من الصاغرين، وفي الحديث: "إن الله تعالى يقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد بيضت وجوهنا ويسرت لنا الحساب وأنقذتنا من النار وأجزتنا على الصراط وأدخلتنا الجنة؟! فيقول الله سبحانه وتعالى: إن لكم عندي أفضل من ذلك، فيقولون: وما ذلك يا ربنا؟ فيقول الله تعالى: رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبدًا" (¬2).
و (مجاهدة المنافقين) هو التعنيف في الملامة والإنذار والتعزير والحبس ما لم يظهروا أمرهم فإذا أظهر أمرهم فالسيف، ومن علم منهم أنه يتوب بلسانه تقية لم تقبل توبته، و (الغلظة) ضد الرقة ولا تصلح المجاهدة بغير غلظة كما لا تصلح المسالمة بغير رفق.
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} هو قول الجلاس بن سويد (¬3): إن كان ما يقوله محمَّد حقًا فنحن شر (¬4) من حمير، وقيل: قولهم: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ} [المنافقون: 8] لنقعدن على رأس ابن أُبي تاجًا (¬5)، وقيل: قولهم: {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8]، وكلمة الكفر: كل كلمة تخالف مقتضى الإسلام، وفي الآية دلالة أن الإيمان والإسلام واحد.
{وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} قصدهم الفتك، {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} في إغناء الله إياهم بالغنائم الإسلامية تحت الراية النبوية حتى صاروا أهل كنوز وصهيل بعد أن كانوا أهل زرع ونخيل، {إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ} بيُمن رسوله قابلوه بالعيب والطعن والمكر وبطروا وكفروا
¬__________
(¬1) لم أجد نصًا في مسخ الطاووس والحية وإنما وجدنا ابن جماعة في كتابه "إيضاح الدليل" (ص 154) يذكر أنهما مما تغيرت صورته بعد الإهباط بخلاف آدم فإنه بقي كما هو.
(¬2) البخاري (6549)، ومسلم (2829).
(¬3) مرّ الكلام عليه.
(¬4) (شر) ليست في "أ".
(¬5) ابن أبي حاتم (6/ 1845).

الصفحة 902