كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

أتاه وقد أدخل حفرته، وقال: يا رسول الله، أفلا قبل أن يدخلوه حفرته، فاستخرج فتفل عليه رسول الله من قرنه (¬1) إلى قدمه وألبسه قميصه (¬2)، دلّ أنه لم يصلِّ عليه صلاة الجنازة، ولكنه كان مخيَّرًا بين الاستغفار وتركه لإشماله عشائرهم وأولادهم، والمقصود من لفظة السبعين هي المبالغة دون العدد (¬3)؛ لأنها مأخوذة من السبع التي هي نهاية كثير من الأعداد؛ منها عدد آيات فاتحة الكتاب، وأجزاء القرآن والسور الطوال والمثاني، وعدد التائبين مع رسول الله (¬4) يوم حنين، وعدد السماوات والأرض والأنجم السيارة والأقاليم والأبحر، والأيام والألوان وأعضاء السجود، وطبقات النار، وليالي عاد، وسني يوسف -عليه السلام- (¬5) والسنبلات والبقرات، وأشواط الطواف وأشواط السعي، وأركان الصلاة وهي: الافتتاح والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهد والخروج، وأجناس أموال الزكاة، وهي: الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والخيل وما أخرجت الأرض، وأجناس الحيوان: كالطائر والقافز والماشي والزاحف والعائم والمنساب والمحتلج، والجهات المستقيمة مع الحيثية.
ومما أخذ من السبع للمبالغة قوله: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] وقوله: {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحاقة: 32]
¬__________
(¬1) في الأصل و"أ": (قرن).
(¬2) هذه رواية أحمد (3/ 371) عن أبي الزبير عن جابر، ورواه مسلم (2773) عن عمرو أنه سمع جابر.
(¬3) ومثله ما تقدم في قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ} [التوبة: 53] وهو أمر بمعنى الخبر -كما قال الزمخشري- ومثله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80]، وهذا أسلوب معروف في كلام العرب ومنه قول كثير عزة:
أَسِيْئي بنا أو أحسني لا ملومةٌ ... لدينا ولا مقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّت
وقوله: {سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80]، هو أن حصر العدد بالسبعين أسلوب تكثيري تستعمله العرب في الآحاد من سبعة، وفي العشرات من سبعين.
[زاد المسير (2/ 284)، الكشاف (2/ 195)، ديوان كثير عزة (1/ 53)].
(¬4) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬5) (السلام) ليست في "ي".

الصفحة 907