كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

الظرف، و (القبر): الشق في الأرض يدفن فيه الميت، والنهي عن القيام على القبور لأنه فعل الأولياء والأحباب وأصحاب المصيبة والتفجع.
{وَلَا تُعْجِبْكَ} خطابه والمراد به كل واحد من (¬1) أمته، {أَنْ آمِنُوا} برحمة وبيان للسورة.
و {الْخَوَالِفِ} النساء (¬2) الفواسد، يقال: نبيذ خالف؛ أي: فاسد.
{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} أصحاب الأعذار الصحيحة, عن مجاهد، وأصحاب الأعذار الكاذبة، عن قتادة. وقد جاء الفريقان ليأذن لهم في القعود، ولا تنافي بين القولين، {الْأَعْرَابِ} أصحاب المواشي الذين ينزلون البوادي، مجاهد عن ابن عمر، وعكرمة عن ابن عباس (¬3) قال: أشار على نمرود بإحراق إبراهيم رجل من الأعراب فقيل لابن عباس: ولهم أعراب، قال: نعم، والأكراد أعراب فارس، والمراد بالأعراب ههنا الذين ينزلون حوالي المدينة من أسد وغطفان وغيرهما، بما {كَذَبُوا اللهَ} أي: أظهروا لله ورسوله غير ما يعلمه الله من ضمائرهم، فلما تواترت الآيات في المتخلفين تخوف منها أصحاب الأعذار الصادقين فأنزل الله فيهم.
¬__________
(¬1) (من) ليست في الأصل.
(¬2) هذا هو تفسير ابن عباس والضحاك وقتادة والحسن ومجاهد وغيرهم، أخرجه عنهم الطبري في تفسيره (11/ 617، 618)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1859)، وهذه الصفة -الخوالف- جمع خالفة من صفة النساء وهي صفة ذم في حق الرجال، ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
وما أدري وسوفَ إخالُ أدري ... أقوم آل حصنٍ أم نساءُ
فإن تكن النساءُ مُخَبَّآتٍ ... فَحُقٌ لكل محصنةٍ هداءُ
وقول عمر بن أبي ربيعة:
كتب القتل والقتالُ علينا ... وعلى الغانيات جَرُّ الذيول
[البحر (5/ 83)، ديوان زهير (ص 74)، ديوان عمر بن أبي ربيعة (338)].
(¬3) الذي ورد عن ابن عباس في هذه الآية قال: نزلت في أعاريب أسد وغطفان وأعراب من حول المدينة. ذكره ابن الجوزي في تفسيره [زاد المسير (2/ 290)] وهو لا يختلف من حيث المعنى عما ذكره المؤلف. وأما قصة النمرود فلم نجدها عن ابن عباس ولا عن غيره.

الصفحة 912