كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

على أنه مفعول له (¬1)، ومن {حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ} هو أبو عامر الفاسق (¬2) كان قد ترهب ولبس المسوح بالمدينة قبل مقدم رسول الله، فلما هاجر إليها رسول الله أتاه أبو عامر الفاسق، وقال: ما هذا الدين الذي جئت به؟ قال -عليه السلام- (¬3): "هذا دين إبراهيم" قال أبو عامر: فأنا على دين إبراهيم، فقال -عليه السلام- (3): "هذا دين إبراهيم أنا عليه" قال أبو عامر: بل أدخلت فيه ما ليس منه، قال رسول الله: "بل جئت بالحنيفية بيضاء نقية"، قال أبو عامر: أمات الله الكاذب منّا طريدًا وحيدًا، لا أجد قومًا يقاتلونك إلا قاتلتك معهم، وانضوى إلى الكفار فقاتلوا يوم أحد وبعد ذلك إلى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن ويئس الملعون (¬4) عن مشركي العرب خرج إلى الشام ليستنصر قيصر، وكان يأمر المنافقين ببناء هذا المسجد ويخبرهم بأنه سيأتيهم بجنود لا قبل لهم بها: لا حد بها فلم يمكنه الله سبحانه وتعالى من ذلك وأماته بالشام طريدًا وحيدًا، وابن أبي عامر الفاسق إنما هو حنظلة غسيل الملائكة (¬5)، {إِنْ أَرَدْنَا} ما أردنا (¬6)، {إِلَّا الْحُسْنَى} إلا استمالة أبي عامر ليرجع ويسلم فكذبهم الله تعالى.
¬__________
= وابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق (2/ 529 - 530)، والبيهقي في الدلائل (5/ 262، 263).
(¬1) هذا أحد الأوجه في إعراب "ضرارًا" أي: مُضَارَّةَ لإخوانهم. والوجه الثاني: أنه مفعول ثانٍ لـ "اتخذ" قاله أبو البقاء العكبري، والوجه الثالث: أنه مصدر في موضع الحال من فاعل "اتخذوا" أي: اتخذوه مُضَارِّين لإخوانهم.
[الإملاء (2/ 22)، الدر المصون (6/ 120)].
(¬2) ذكره ابن أبي حاتم (6/ 1879) وأما قصة أبو عامر الراهب فذكرها البغوي (93)، والقرطبي (7/ 280).
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) (الملعون) ليس في "ب".
(¬5) أي: أن حنظلة بن أبي عامر أسلم فأصبحِ من خيار الصحابة واستشهد في غزوة أحد، ولما نودي بالجهاد في غزوة أُحد خرج مسرعًا وهو جنب فقتل في غزوة أحد فقال -عليه السلام-: "إن صاحبكم تغسله الملائكة"، وانظر: الإصابة (2/ 298)، رقم الترجمة (1139).
(¬6) أي: أن "إِنْ" نافية ولذلك وقع بعدها "إلا" وقوله: {إِنْ أَرَدْنَا} جواب لقوله: {وَلَيَحْلِفُنَّ}.

الصفحة 919