كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله (¬1) وإلى رسوله، فقال: "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك"، قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال كعب: فما أنعم الله عليَّ نعمة بعد الإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله (1) حيث صدقته أنا وصاحباي أن لا يكون كذبنا فهلكنا كما هلكوا، وإني لأرجو (¬2) أن لا يكون الله أبلى أحدًا من الصدق مثل الذي أبلاني ما تعمدت (¬3) للكذب بعد وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي، قال الزهري: هذا ما انتهى إلينا من حديث كعب بن مالك (¬4).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} قال أبو بكر الصديق: إياكم والكذب فإن الكذب مجانب الإيمان (¬5). سئل النبي -عليه السلام-: أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: "نعم"، فقيل: أيكون المؤمن بخيلًا؟ قال: "نعم"، فقيل: أيكون المؤمن كذابًا؟ قال: "لا" (¬6).
{وَلَا يَرْغَبُوا} ولا أن يرغبوا، ويحتمل أنه مجزوم على النهي، و (رغبتهم بأنفسهم عن نفسه) إيثارهم أنفسهم على نفسه، {ظَمَأٌ} عطش، {وَلَا نَصَبٌ} تعب، {وَلَا مَخْمَصَةٌ} مجاعة، و (الوطء) موضع القدم وكذلك الموطىء ويجوز أن يكون مصدرًا، {يَغِيظُ الْكُفَّارَ} صفة للموطىء، أي: يغيظ الكفار وطؤهم إياه، و (النيل): الإصابة، والضمير في (به) عائد إلى كل واحد من الأشياء المذكورة.
(قطع الوادي): سلوكه، والوادي ما بين العدوتين، {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} قال الكلبي: لما أنزل الله عيوب المنافقين
¬__________
(¬1) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(¬2) في "ب" (أرجو).
(¬3) في الأصل و"أ": (تعهدت).
(¬4) القصة في البخاري (4156)، ومسلم (2769)، ولكن أضاف إليها المؤلف من روايات أخر.
(¬5) أحمد (1/ 5) وسنده صحيح.
(¬6) مالك في الموطأ (1795)، والبيهقي في الشعب (4812).

الصفحة 931