كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
الفلك الرابع، والقمر في الفلك الأدنى. والأفلاك غير السماوات، وقيل: السماء والهواء واحد، {إِلَّا بِالْحَقِّ} إلا بأمره الحق بقضية حكمه من غير لهو ولا عبث.
{لَآيَاتٍ} دلائل وحدانية الله تعالى ودلائل انقضاء الدنيا والمال.
{لَا يَرْجُونَ} أبو عبيدة: لا يخافون (¬1)، {لِقَاءَنَا} الحساب والعرض، وقيل: لقاء الله، هم الذين أيسوا عن لقائه لجهلهم به، {وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الذين آثروا شهواتها على السعي للآخرة، وقنعوا بالحياة الدنيا لأنها مبلغهم من العلم فليست لهم همة الآخرة.
روي أن النبي -عليه السلام- (¬2) بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان هو صالَحَ أهل البحرين وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال [من البحرين فسمعت الأنصار بقدومه فوافقت صلاة الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما صلَّى]، (¬3) صلاة الفجر وانصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم وقال: "أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء"، قالوا: أجل يا رسول الله، فقال: "أبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتلهيكم كما ألهتهم" (¬4)، وروي: "فتهلككم كما أهلكتهم" (¬5) (¬6).
¬__________
(¬1) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ذكره ابن الجوزي في تفسيره ومنه قوله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)} [نوح: 13] وقول أبي ذؤيب الهذلي:
إذا لسَعَتْه النَّحْل لم يَرْجُ لِسْعَهَا ... وخالفها في بيتِ نُوبٍ عَوَامِلِ
[زاد المسير (2/ 318)، الطبري (12/ 121)].
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) ما بين [...] من "أ" "ب".
(¬4) البخاري (6061).
(¬5) هذه الرواية عند البخاري (3791)، ومسلم (5961).
(¬6) قوله: (وروي فتهلككم كما أهلكتهم) ليس في "أ".
الصفحة 940
1930