كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ} الآية في مثل قوله: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24]، وقيل: قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى} [هود: 117] وفيها دلالة أن الجماعة وإن عظمت لم ينطبق عليها اسم الأمة حقيقة ما لم يقروا برسول الله، فإذا جاء رسولهم بينت (¬1) أحكامهم وشرائعهم وميز بين الخبيث والطيب والهالك والناجي، وقيل: فإذا جاء رسولهم يوم القيامة شهيدًا عليهم (¬2) وحوسبوا على أعمالهم ووفوا ثوابها وعقابها، {بِالْقِسْطِ} ذكر للتنبيه على قيام الحجة ووجوب الجزاء.
{مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} سؤال على وجه الاستعجال بالبوار. {الْوَعْدُ} الوعيد.
{قُلْ لَا أَمْلِكُ} لا أقدر على خير نفسي ونفعها فكيف أقدر على تعجيل الوعد الموعود، ثم بين وجه تأخر العذاب بوجوب الهلاك معلق بإتيان الرسل، وإتيانه معلق بتتمة الأجل.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ} وزانها قولك لغريم: أرأيت (¬3) أن أزنك هذه الدنانير إيش تطالبه، أي: ليس لك عندي سوى هذه الدنانير شيء، فكذلك ليس للكفار عند الله إلا البوار وإدخال النار {ثُمَّ} معناه نقول أو قيل أو يقال للمجرمين إذا آمنوا عند معاينة البأس. {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ}، {ثُمَّ قِيلَ} بعد ذلك {لِلَّذِينَ ظَلَمُوا}.
{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} على وجه الاستهزاء، {أَحَقٌّ هُوَ} أكائن هذا الوعيد، {إى} نعم (¬4)، {وَرَبِّي} قسم وجوابه، {إِنَّهُ لَحَقٌّ} وقيل: القسم متصل بقوله: {إِى} ويكون قوله: {إِنَّهُ لَحَقٌّ} كلامًا مبتدأ.
¬__________
(¬1) في "أ": (ثبتت).
(¬2) (عليهم) من "ب" "ي".
(¬3) في "أ ": (أرأيتك).
(¬4) هي حرف جواب بمعنى نعم ولكنها تختص بالقسم؛ قاله الزمخشري، وقال أيضًا: سمعتهم يقولون في التصديق -إيْوَ-.
[الكشاف (2/ 241)].