كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
{لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً} كون المسلم فتنة للكافرين (¬1) أن تسوء عاقبته العاجلة ويشمت الكافر به ويقيس عليه عاقبته الآجلة، وأن يرتد المسلم فيزيد الكافر إصرارًا.
{تَبَوَّءَا} تتخذ المنازل وأصله البواء وهو اللزوم (¬2). {بُيُوتًا} مساجد، الكلبي وغيره (¬3): كانت مساجد بني إسرائيل ظاهرة فأمر فرعون بهدمها عند منابذة (¬4) موسى -عليه السلام- إياه، فأمر الله اتخاذ المساجد في بيوتهم وأن يجعلوها مستقبلة للكعبة قبلة إبراهيم وإسماعيل (¬5)، {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} مستقبلة القبلة (¬6)، وقيل: اجعلوها قبلة لكم يصلون إليها، وقيل: اجعلوا بعضها مقابل بعض (¬7)، وقيل: المراد به المصلى.
وقيل: المسجد وإنما لم يؤمروا بالزكاة لأن أكثرهم كانوا مماليك لآل فرعون أو كانوا فقراء.
{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} لما دعا انقلبت أعيان أموالهم حتى صار
¬__________
(¬1) في "ب" (للكافر).
(¬2) يقال: تَبَوَّأَ فلانٌ منزلًا: إذا نزله، وَبَوَّأتُهُ: أنزلته، واستشهد الزجاج بقول الشاعر، وينسب لإبراهيم بن هرمة:
وَبُوِّئتْ في صَمِيْمِ مَعْشرِهَا ... فَتَمَّ في قوْمِهَا مُبَوَّؤُهَا
[مجاز القرآن (1/ 218)، اللسان (بوأ)].
(¬3) روي ذلك أيضًا عن مجاهد والضحاك أخرجه الطبري في تفسيره (12/ 87).
(¬4) في الأصل و"أ": (مثابرة).
(¬5) هذا ورد عن ابن عباس كما عند ابن جرير (12/ 251)، وابن أبي حاتم (6/ 1976). وأما اتخاذ الكعبة قبلة فهو مروي عن أبي سنان كما عند أبي الشيخ، انظر: "الدر المنثور" (7/ 695)
(¬6) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد وقتادة والضحاك. أخرجه الطبري في تفسيره
(¬7) روي ذلك عن سعيد بن جبير أخرجه الطبري في تفسيره وذكر ابن الجوزي في تفسيره
أنه مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[الطبري (12/ 260)، زاد المسير (2/ 345)].