كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
في ثناياه" (¬1)، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: "رأيت الوحي ينزل على النبي -عليه السلام- (¬2) وإنه على راحلته فترغو وتفتل يديها حتى أظن أن ذراعها تنقصم، فربما بركت (¬3)، وربما قامت موتدة يديها حتى يسرى عنه من ثقل الوحي وأنه لينحدر منه مثل الجمان" (¬4) فيحتمل أن جبريل -عليه السلام- أنزل عليه سورة هود وأخواتها على هذه الطريقة الشديدة فلذلك شيبته.
والرابع: هو تكرار المعنى المزعج، ففي سورة هود تكرار لفظة بعد أي هلك، وفي سورة الواقعة تكرار أنتم أو نحن، وفي سورة "المرسلات" تكرار لفظة {وَيْلٌ}، وفي سورة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} تكرار لفظة "وكان" "وكانت"، وفي سورة "التكوير" تكرار لفظة "إذا" على سبيل الوعيد (¬5).
قوله: {أُحْكِمَتْ} بمعنى الخصوص وهو إحكام التلاوة وتهذيبها مما يلقي الشيطان في الأمنية. {ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ} عنده بلا وساطة أو التفصيل هو تفسير رسول الله مجملات الآي {أَلَّا تَعْبُدُوا} مضمرًا آتيناكه (¬6) لتقوم بالوعظ أن لا يعبدوا، وإنما قدم الاستغفار على التوبة لأن الإنسان يستفتح الشر ويعرض عنه مستغفرًا، ثم يستفتح الخير ويقبل عليه مستوفيًا، والمراد بالاستغفار (¬7) كسب سبب المغفرة وهو إصلاح العقيدة، وبالتوبة سبب الاستقامة بإصلاح العزيمة.
{وَيُؤْتِ} الله تعالى {كُلَّ ذِي فَضْلٍ} خصلة فاضلة فضيلتها من الثواب.
¬__________
(¬1) ذكره بهذا اللفظ ابن سعد في الطبقات (8/ 379) وله شواهد كثيرة دون ذكر البرد في الثنايا.
(¬2) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب" (صلى الله عليه وسلم)
(¬3) في الأصل: (نزلت) وهو خطأ.
(¬4) ابن سعد في الطبقات (1/ 197) وفيه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروى الدوسى.
(¬5) هذه المعاني الأربعة التي ذكرها من مفردات هذا التفسير لم نجدها في كتاب غيره.
(¬6) المثبت من "ب"، وفي البقية: (أتينا له).
(¬7) في الأصل مكررة (الاستغفار).