كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

(اليؤوس) القنوط أي {إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ}. {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} ليسدي الفعل إلى ما لا فعلَ له في الحقيقة غير معترف باللهِ الذي صرف عنه السيئات وأبدى له منها نعمة {لَفَرِحٌ فَخُورٌ} لأشر بطر في حال الرفاهية.
{إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} إن كان المراد بالإنسان عبد الله بن أبي أمية المخزومي أو رجل معين مثله (¬1)، والاستثناء منقطع. وإن كان المراد به الجنس فالاستثناء متصل في محل النصب لأنه مستثنى من مثبت (¬2).
{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ} أي تكاد تترك إبلاغ {بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} على سبيل الفور {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} أي وتكاد تضيق صدرًا بهذا البعض على سبيل الضعف وقلّة الاحتمال دون الكراهة وسوء الاختيار، وإنما قال: {وَضَائِقٌ} ولم يقل وضيّق للتوفيق بينه وبين قوله: {تَارِكٌ} ولنفي إيهام تحقيق الوصف في الحال أن يقولوا مخافة أو كراهة أن (¬3) يقولوا.
{افْتَرَاهُ} الضمير عائد إلى القرآن والتحدي {بِعَشْرِ سُوَرٍ} وقيل: التحدي بسورة وبحديث لأن الآية مكية، ونزول سورة "هود" متقدم على نزول سورة "الطور" {مِثْلِهِ} بدل من عشر سور (¬4) {مُفْتَرَيَاتٍ} يجوز أن
¬__________
(¬1) عزاه ابن الجوزي في "زاد المسير" (4/ 80) لعبد الله بن أبي أمية، وقال: هو في تفسير الواحدي ولم أجده في الوجيز، وكذا ذكر سبب النزول الوليد بن المغيرة وعزاه لابن عباس.
(¬2) قوله: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} [هُود:11]، فيه ثلاثة أوجه إعرابية: الوجه الأول: أنه منصوب على الاستثناء المتصل إذ المراد به جنس الإنسان لا واحد بعينه. الوجه الثاني: أنه استثناء منقطع إذ المراد بالإنسان شخص معين. والوجه الثالث: أنه مبتدأ والخبر الجملة من قوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} [هُود: 11]، وهو منقطع أيضًا. وقال الفراء: هذا الاستثناء من الإنسان لأنه في معنى الناس كقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} [العَصر: 2]، وقال الزجاج: هذا استثناء ليس من الأول والمعنى لكن الذين صبروا.
[زاد المسير (2/ 360)، الدر المصون (6/ 293)].
(¬3) في "ب": (أو).
(¬4) ويجوز أن تكون "مثله " نعتًا لـ "سُوَر" كما يجوز أن تكون "مفتريات " صفة لـ "سور" و"مثل " وإن كانت بلفظ الإفراد فإنه يوصف بها المثنى والمجموع والمؤنث كقوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} [المؤمنون: 47] ومن المطابقة قوله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ} [الواقعة: 23،22] وقوله: {ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38]

الصفحة 965