كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
نجبركم ونكرهكم على الدين إن كثرنا؟! أي لا نفعل ذلك، فإنه لا إكراه في الدين.
{لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا} لست أطالبكم على الدين واجتماع الأصحاب خراجًا كفعل الملوك (¬1) فتمنعوني (¬2) عن ذلك لما يصيبكم من (¬3) المؤنة {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} بأن تمنعوني عن الدعوة إلى الرشاد بغير حجة تثبت عليكم (¬4).
{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} كدعوى الذين يدعون الكيمياء (¬5) {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} كدعوى الكهنة والعارفين {وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} كدعوى الأرواح الخبيثة الملابسة من السحرة (¬6)، {وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} كدعوى المصدقين للطواغيت طمعًا في برهم وخيرهم. فتبرّأ نوح -عليه السلام- من هذه الدعاوى كلها؛ لأن دعواه كانت نبوته بقوة إلهية، كان نوح -عليه السلام- يدعوهم إلى توحيد الله تعالى وخلع الأنداد.
{قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} الآية وعدهم الطوفان.
{إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} النصيحة مرضية حميدة (¬7) مأمور بها، بخلاف الإغراء والنفع مفتقر إلى وجود النصيحة، وهي لا توجد إلا بإرادتها.
¬__________
(¬1) (كفعل الملوك) ليست في "ب".
(¬2) في "أ": (فتمنعوا).
(¬3) المثبت من "ب"، وفي البقية: (من من البقية).
(¬4) في "أ": (لكم).
(¬5) ذمّت الكيمياء قديمًا لأن العلماء آنذاك لهم قدرة إلى تحويل أي معدن أو بعض المعادن إلى الذهب. انظر كتاب المدخل لابن الحاج (3/ 44)، ومعجم البدع (ص 595).
(¬6) المثبت من الأصل، وفي البقية: (الشجرة) وهو خطأ.
(¬7) بدل (حميدة) فراغ في "أ".