كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
أراد الثاني فهما ظاهران (¬1)، وقيل: الواو في قوله: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} مقحمة كما في قوله: {جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: 73].
{قَالُوا سَلَامًا} نصب بوقوع القول عليه (¬2)، كما تقول: لمن قال لا إله إلَّا الله: قلت صوابًا أو حقًا وصدقًا، {قَالَ سَلَامٌ} رفع على الحكاية تقديره سلام عليكم (¬3) {أَنْ جَاءَ} نصب بنزع الخافض تقديره: {فَمَا لَبِثَ} عن مجيئه وقيل: رفع (¬4) تقديره: فما لبث مجيئه أي ما أبطأ، {حَنِيذٍ} مشوي في الحفائر بالرضف، وقيل: منضج.
{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ} أي راَهم ممسكين عن الطعام {نَكِرَهُمْ}
استنكرهم وأنكرهم، وقيل: ظن أنهم لصوص لا يتحرمون بطعامه لئلا يدخله في نعتهم، و (الإيجاس) شيء من الإحساس، وما خاف حقيقة ولكنه مكر مكروه لعل الله يوصله إليه من جهتهم.
{فَضَحِكَتْ} (¬5) بالسرور من جهتهم حيث {قَالُوا لَا تَخَفْ} وقيل:
¬__________
(¬1) الأظهر في قوله تعالى: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} [هُود:66] متعلق بمحذوف التقدير: ونجيناهم من خزي يومئذ وهي معطوفة على "نجينا" الأولى مع أن هذا لا يجوز عند البصريين غير الأخفش؛ "لأن زيادة الواو غير ثابتة.
[الكشاف (2/ 279)، الدر المصون (6/ 349)].
(¬2) في نصب "سلامًا" وجهان: الأول: أنه مفعول به، والثاني: أنه منصوب على المصدر بفعل محذوف وذلك الفعل في محل نصب بالقول والتقدير: قالوا: سَلَّمنَا سلامًا وهو من باب ما ناب فيه المصدر عن العامل فيه، وهو واجب الإضمار.
(¬3) على هذا الوجه يكون "سلامٌ" مبتدأ وخبره محذوف كما قدره المؤلف ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدآ محذوف التقدير: قولي أو أمري سلام.
[البحر (5/ 241)].
(¬4) أي رفع على أنه فاعل.
(¬5) في معنى "ضحكت" ثلاثة أقوال:
الأول: أن الضحك هنا بمعنى التعجب روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
الثاني: أنها بمعنى حاضت قاله مجاهد وعكرمة ورده ابن الأنباري والفراء وأبو عبيدة وأبو عبيد وابن دريد وغيرهم، وقالوا: إنه لم يسمع من ثقة أن ضحكت بمعنى حاضت.=