كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
ويحتمل أنه على سبيل الوعيد لأهل مكة، ومن يعمل عمل قوم لوط، أي لا يبعد أن يمطر عليهم مثلها فإنهم مستحقون لها لولا (¬1) فضل من الله ورحمته، وإنما سقط (¬2) التأنيث من "بعيد" لكون التأنيث غير حقيقى أو لتقدير شيء؛ أي وما هي بشيء بعيد، أي لوقف رؤوس الآي.
{أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} بحالة حسنة ونعمة وافرة غير محتاجين إلى الخيانة.
{بَقِيَّتُ اللَّهِ} ما يحدثه الله من النماء والبركة من غير بخس وتطفيف، كان شعيب -عليه السلام- (¬3) كثير الصلاة والعبادة والدعاء وكانوا يستحسنون ذلك منه، فلما دعاهم إلى خلع الأنداد وإيثار القسط رأوه قبيحة فقالوا تعجبًا: {أَصَلَاتُكَ} [الحسنة أثمرت وأفادت هذه الدعوة، وفيها اختصار وتقديرها: تأمرك وتحملك على تكليفنا أن نترك، وقيل] (¬4) تقديره: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ} وإيانا {أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} وتنهاك وإيانا (¬5) {أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} {الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} السفيه الجاهل (¬6) كقوله: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)} [الدخان: 49] وقيل: هو على ظاهره، أي كنت الحليم الرشيد حتى الآن كقول ثمود لصالح: {كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [هود:62].
{أَرَأَيْتُمْ} المستفهم مضمر تقديره: أرأيتم إن كنت بهذه لكنت سفيهًا جاهلًا، أو أرأيتم إن كنت بهذه (¬7) الصفة أكنتم تجيبونني وتطيعونني، وفائدته الاستدراج.
¬__________
(¬1) في "ب": (ولولا).
(¬2) في "أ" "ي": (أسقط).
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) ما بين [...] ليست في الأصل و"أ".
(¬5) في " ب": (وإياك).
(¬6) أي قالوا ذلك على وجه السخرية والاستهزاء قاله ابن عباس -رضي الله عنهما- وقتادة والفراء ذكره ابن الجوزي في تفسيره [زاد المسير (2/ 396)].
وذكر ابن كيسان أنه على حقيقته وقالوا: أنت حليم رشيد فلم تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟
(¬7) المثبت من "ب"، وفي البقية: (بهذا).