كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
{يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} كقولك: لا يحملنك مخالفتي على أن تدحرج نفسك من شاهق إلى بئر.
{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أتى بالدعوة على سبيل الترغيب بعد الدعوة على سبيل الترهيب لتبليغ الدعوة كل مبلغ، ويلزم الحجة كل اللزوم، {وَدُودٌ} مستجيب، في الحديث أن الله تعالى: "يتحبب إلى عبده بالنعم والعبد يتمقت إليه بالمعاصي" (¬1) لما انقطعوا في المناظرة والجدال أخذوا في الشفاعة عادة الجهال.
{قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} مكفوفًا {رَهْطُكَ} عشيرتك، والرهط: ما دون العشرة من الأنفس {لَرَجَمْنَاكَ (¬2)} شتمناك وقذفناك، ويحتمل الرجم بالحصى {وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} لا يعز علينا مكروهك ولكنه يعز علينا مكروه رهطك.
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ} يكذبهم، تقول: ليس (¬3) لعشيرتي عندكم ذمام أو حرمة (¬4) فإنكم أعرضتم عن حق الله فكيف يرجى منكم رعاية حق العشيرة، والثاني كان يحتج (¬5) عليهم بحفظ ذمام العشيرة، ويقول: إن كنتم تحفظون ذمام العشيرة فلم لا تراعون حق الله ولم تعرضون عنه فإنه أحق وأوجب {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} اتخذتم (¬6) الرهط ملجأ وعده لكم من ورائكم، وقيل: اتخذتم حق الله سببًا (¬7) لا تلتفتون (¬8)
¬__________
(¬1) هذا أثر وليس حديثًا بل هو كما قال ابن القيم أثر إلهي؛ أي هو منقول من الإسرائيليات، وهو في "شفاء العليل" (238)، ومدارج السالكين (1/ 464،194).
(¬2) (لرجمناك) ليست في "ب".
(¬3) في "ب": (ويقول وليس).
(¬4) في البقية: (وحرمة)، والمثبت من "ب".
(¬5) في "ب": (محتج).
(¬6) المثبت من الأصل، وفي "أ" "ي": (أخذكم)، وفي "ب": (اتخذهم).
(¬7) في الأصل و"ب": (شيئًا).
(¬8) في "ي" "أ": (يلتفتون).