كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

عن أبي موسى عنه -عليه السلام-: "إن الله تعالى يملي للظالم أو قال يملا حتى إذا أخذه لم (¬1) يُفْلت"، ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} (¬2) الآية (¬3).
{نُؤَخِّرُهُ} الضمير عائد إلى اليوم الموعود {يَأْتِ} يشبه الترخيم، ويحتمل أن يكون شرطًا لأنّ يومًا يشبه الميم الموصول وقد ينقلب حرف شرط قال:
استغن ما أغناك ربك بالغنى ... وإذا تصبك خصاصة فتحمل (¬4)
والجواب قوله: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ} محروم مكدوم (¬5) {وَسَعِيدٌ} محظوظ مجدود، عن عمر بن الخطاب قال: لما نزلت هذه الآية سألت النبي -عليه السلام- فقلت: يا نبي الله فعلام نعمل على شيء قد فرغ منه أو على شيء لم يفرغ منه؟ فقال: "بلى على شيء فرغ منه وجرت به الأقلام، يا عمر ولكن كل ميسر لما خلق له" (¬6).
{زَفِيرٌ} صوت في الصدر {وَشَهِيقٌ} صوت في الحلق، وكلاهما من أصوات المكروبين، ويحتمل أن هذا في نهيق الحمار (¬7)، ويحتمل هذا في
¬__________
(¬1) (لم) ليست في الأصل.
(¬2) الآية في "أ" "ب": {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ}.
(¬3) البخاري (4686)، ومسلم (2583).
(¬4) ذكره الأنصاري في "مغني اللبيب" (131، 916)، والشعر للحارث بن بدر الغداني كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (11/ 395).
(¬5) في "ي": (مكدود).
(¬6) الترمذي (3111)، وأبو يعلى (5463، 5571)، وابن جرير (12/ 577، 578)، وابن أبي حاتم (6/ 2084) والحديث صحيح.
(¬7) روى الطبري عن ابن عباس-رضي الله عنهما- في قوله: {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هُود: 106] قال: صوت شديد وصوت ضعيف. ثم خُصَّ هذا الصوت بصوت الكافر في نار جهنم كصوت نهاق الحمار في أوله، فإذا ردده في الجوف عند فراغه من نهاقه قيل له: شهيق، كما قال رؤبة بن العجاج:
حشرَجَ في الجوفِ سحيلًا أوشَهَقْ ... حتى يُقالَ: ناهقٌ ومانهق
روي ذلك عن قتادة.
[تفسير الطبري (12/ 576)].

الصفحة 984