كتاب مناظرات ابن تيمية لأهل الملل والنحل

تعملون، أنتم تقولون بالسيدة نفيسة (¬1) ، ونحن نقول بالسيدة مريم، قد أجمعنا نحن وأنتم على أن المسيح ومريم أفضل من الحسين ومن نفيسة، وأنتم تستغيثون بالصالحين الذي قبلكم، ونحن كذلك.
فقال لهم: وإن من فعل ذلك ففيه شبه منكم، وهذا ما هو دين إبراهيم الذي كان عليه، فإن الدين الذي كان إبراهيم عليه أن لا نعبد إلا الله وحده، لا شريك له، ولا ندّ له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا نشرك معه ملكاً، ولا نبياً، ولا صالحاً، وإن الأمور التي لا يقدر عليها غير الله لا تطلب من غيره مثل تفريج الكربات، وغفران الذنوب.
والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - نؤمن بهم ونعظمهم، ونصدّقهم في جميع ما جاءوا به ونطيعهم كما قال نوح وصالح وهود وشعيب: أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون، فجعلوا العبادة والتقوى لله وحده، والطاعة لهم، فإن طاعتهم من طاعة الله، فلو كفر أحد بنبيّ من الأنبياء وآمن بالجميع ما نفعه إيمانه حتى يؤمن بذلك النبي.
¬_________
(¬1) . هي نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما، وهي من الصالحات العابدات، كانت في المدينة ثم تحولت إلى مصر، وتوفيت بها سنة 208 هـ.
انظر سير أعلام النبلاء 10/106، البداية والنهاية 10/262، شذرات الذهب 2/21.

الصفحة 18