كتاب مناظرات ابن تيمية لأهل الملل والنحل

ويقول أيضا: "وقد قال لي أفضل شيوخ هؤلاء بالديار المصرية لما أوقفته على بعض هذا الكتاب. (¬1) فقال: هذا كفر، وقال لي في مجلس آخر: "هذا الكتاب عندنا من أربعين سنة نعظمه، ونعظم صاحبه، ما أظهر لنا هذه المصائب إلا أنت (¬2) .
ومن أجل هداية أولئك، ودعوتهم إلى الحق، كان الشيخ يتنزل معهم لعلهم يرجعون، كما في المناظرة الأولى، وكما جاء في إحدى مخاطباته لهم قائلاً: "وقلت لبعض حذاقهم: هب أن هذا الوجود المطلق ثابت في الخارج، وأنه عين الموجودات المشهودة، فمن أين لك أن هذا هو رب العالمين الذي خلق السموات والأرض وكل شيء؟
فاعترف بذلك، قال: هذا ما فيه حيلة (¬3) "
ومن باب الإشفاق على المغترين بالاتحادية، حكى شيخ الإسلام لهم هذا المثال، فقال: " ولقد ضربتُ لهم مرة مثلاً بقوم أخذوا طائفة من الحجاج ليحجوا بهم، فذهبوا بهم إلى قبرص لينصّروهم، فقال لي بعض من كان قد انكشف له ضلالهم من أتباعهم، لو كانوا يذهبون بنا إلى قبرص لكانوا يجعلوننا نصارى، وهؤلاء كانوا يجعلوننا شراً من النصارى.
¬_________
(¬1) . يعنى: كتاب الفصوص لابن عربي.
(¬2) . السبعينية ص 488.
(¬3) . الجواب الصحيح 3/81.

الصفحة 36