كتاب مناظرات ابن تيمية لأهل الملل والنحل

بها إلى القبور التي ببلاد الإسماعيلية، وأما في مصر فنذهب بها إلى دير هناك للنصارى، ونذهب بها إلى قبور هؤلاء الأشراف، وهم يظنون أن العبيديين شرفاء لما أظهروا أنهم من أهل البيت، فقلت: هل تذهبون بها إلى قبور صالحي المسلمين؟ فقالوا: لا. فقلت لأولئك: اسمعوا إنما يذهبون بها إلى قبور الكفار والمنافقين، وبيّنت لهم سبب ذلك، قلت: لأن هؤلاء يعذبون في قبورهم، والبهائم تسمع أصواتهم، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، فإذا سمعت ذلك فزعت، فبسبب الرعب الذي يحصل لها تنحل بطونها ـ فتروث، فإن الفزع يقتضي الإسهال، فيتعجبون من ذلك، وهذا المعنى كثيراً ما كنت أذكره للناس.. (¬1) "
تسترعي هذه المناظرات عدة أمور، نورد منها ما يلي:
1- يعوّل القبوريون على أحاديث مكذوبة، وأخبار مغلوطة، فالنقل الذي يحتجون به " إما كذب أو غلط، أو ليس بحجة " (¬2) .
ومن ذلك ما قاله شيخ الإسلام: " قدم بعض شيوخ المشرق، وتكلم معي في هذا (¬3) ، فبينت له فساد هذا، فقال: أليس قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور " فقلت: هذا مكذوب
¬_________
(¬1) . الرد على البكري ص 309، 310 = باختصار يسير، وانظر الجامع لسيرة ابن تيمية ص 88.
(¬2) . اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 688
(¬3) . أي في دعاء الأموات.

الصفحة 45