كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 1)

الباب السادس: في التعزير، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف التعزير، وحكمه، والحكمة منه:
1 - تعريف التعزير:
التعزير لغة: المنع والرد ويأتي بمعنى النصرة مع التعظيم، كما في قوله تعالى: (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [الفتح: 9]، فإنه يمنع المعادي من الإيذاء. كما يأتي بمعنى الإهانة، يقال: عزره بمعنى أدَّبه على ذنب وقع منه، فهو بذلك من الأضداد. والأصل فيه المنع.
واصطلاحاً: التأديب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.
2 - حكم التعزير:
التعزير واجب في كل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة من الشارع، من فعل المحرمات وترك الواجبات إذا رآه الإمام؛ لحديث أبي بردة بن نيار - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله) (1)، ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حبس في تهمة) (2). وكان عمر - رضي الله عنه - يعزر ويؤدب بالنفي، وحَلْق الرأس وغير ذلك. والتعزير راجع إلى الإمام أو نائبه، يفعله إذا رأى المصلحة في فعله، ويتركه إذا اقتضت المصلحة تركه.
3 - الحكمة من مشروعية التعزير:
شرع التعزير؛ صيانة للمجتمع من الفوضى والفساد، ودفعاً للظلم، وردعاً وزجراً للعصاة وتأديباً لهم.

المسألة الثانية: أنواع المعاصي التي توجب التعزير:
المعاصي التي توجب التعزير نوعان:
1 - ترك الواجبات مع القدرة على أدائها؛ كقضاء الديون، وأداء الأمانات
__________
(1) متفق عليه: رواه البخاري برقم (6848، 6849)، ومسلم برقم (1708).
(2) أخرجه الترمذي برقم (1450)، وأبو داود برقم (3630) وحسنه الألباني (صحيح الترمذي رقم 1145).

الصفحة 379