كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

إلى الكتفين، وإنما استحب في أعلاه أن يكون ضيقاً، ليكون أوسع لمجال عضديه، وإذا اتسع أعلى الصدر ضاق مجال عضديه، وإذا اتسع أعلى الصدر ضاق مجال عضديه وانسجحا، لاصطكاكهما مع جنبيه. والضريس: البئر المطوية بالحجارة، شبه بها جوفه في عظمه. والمعنى: شديد طي الجوف المشبه للضريس. فسمى الجوف ضريساً مبالغة في التشبيه، والعرب تسمى المشبه باسم ما شبهت به، مبالغة في التشبيه. يريدون أنه لما أفرط في شبهه له، صار كأنه هو وهو كثير، فمنه قول الشاعر:
وعادية سوم الجراد وزعتها وقابلتها سيداً أزل مصدراً
والسيد: الذئب، ولم يقابلها بذئب، إنما قابلها بفرس يشبه الذئب. ونظير تشبيهه جوفه بالضرير، قول النابغة الجعدي:
ويصهل في مثل جوف الطو ي صهلاً يبين للمعرب
وقوله (شديد طي ضريس): تقديره: شديد طي ضريسه، كما تقول مررت برجل حسن لون خده، ولا بد من هذا التقدير، ليكون في الصفة ضمير يعود إلى الموصوف. ثم حذف الضمير، ونقل الصفة عن الطي إلى الموصوف قبلها، وخفض الطي بإضافة شديد إليه، ولم يعوض الألف واللام من الضمير،

الصفحة 106