كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

هذا البيت مشهور، تغني شهرته عن القول فيه. والرال: فرخ النعامة وهو مشرف الكفل، فشبه كفل الفرس بكفله في إشرافه وهو مهموز في الأصل، فخففه تخفيفاً بدليا، لا قياسياً، فلذلك جعل الألف ردفاً، واجري الألف فيه مجراها في سائر القوافي. ولو خففه تخفيفاً قياسياً لم يجز أن يكون ردفاً. والفرق بين تخفيف الهمزة البدلي وتخفيفها القياسي أن التخفيف البدلي يصير الهمزة بمنزلة حروف اللين، التي لاحظ فيها للهمز، فتجري مجرى حروف اللين، في أن تكون ردفاً وتأسيساً ووصلاً، والتخفيف القياسي لا يخرج الهمزة عن حكمها، فتجري مجرى الحروف الصحاح. ولهذا كان أبو عمر الجرمي يجيز رأساً مع فلس وناس، وذكر أنه مذهب الخليل. قال فأما مجيئها مع فلس فعلى معاملة الأصل، واعتقاد التخفيف القياسي، وأما مجيئها مع ناس فمن جهة اللفظ. وكان أبو علي الفارسي لا يجيز ذلك إلا على جهة التخفيف البدلي (فمن التخفيف البدلي ما أنشد سيبويه من قول الراجز):
عجبت من ليلاك وانتيابها من حيث زارتني ولم أورابها
والأصل أدرأ بالهمز. ومن القياس قول الآخر:
يقول لي الحداد وهو يقودني إلى السجن لا تجزع فما بك من بأس
وما البأس إلا أن يسربى العدا ويترك عذرى وهو أضوا من الشمس

الصفحة 109