كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

أو بنوعه، فقولك جاءني العاقل أقرب إلى الجواز من قولك جاءني الطويل، ومع ذلك فإنما أراد تشبيه خصري الفرس بخصري الظبي، فذكره شنج أنسائه لا يؤكد المعنى الذي قصده، كما لا يخل به تركه، وكذلك نبحه من الجبل. وقوله (في مستأمن الشعب): قال الأصمعي: يريد أنه أمين لا يخاف ضعفه. (والسعب) بالسين غير معجمة: اتصال العدو، ويقال (سعم) بالميم.
وأنشد في هذا الباب:
(72)
(شنج النسا خرق الجناح كأنه في الدار أثر الظاعتين مقيد)
البيت للطرماح بن حكيم. ويكنى أبا نفر، يصف غراباً. وقبله:
وجرى بينهم غداة تحملوا من ذي الأباطح شاحج يتفيد
يعني بالشاحج غراباً. يقال شحج الغراب يشحج: إذا صاح. والأبارق جمع أبرق؛ وهو موضع فيه رمل وحصى. ويتقيد: يتبختر في مشيه، وقيل التفيد أن يصيح ويحرك رأسه، كأنه يريد أن يتقيأ.
ووقع في شعر الطرماح (شنج النسا أدفى الجناح)، وهو الذي في جناحه ميل. ويروى حرق وخرق بالحاء، معجمة فيه قولان. قيل: هو اللين الجناح مثل الأدفى، وقيل هو الشديد الضرب بجناحه. والظاعنون: الراحلون. يريد أنه يألف الديار إذا رحل عنها أهلها، فكأنه مقيد فيها.

الصفحة 116