كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وقوله: (تبتغيه الأصابع) يعني أصابع الأطباء تلمسه، لتنظر هل ينزل أم لم ينزل، وإنما ينزل عند البرء. هذا قول الأصمعي وأبي عبيدة. وقيلي: معناه تلمسه، هل انحدر نحو الطحال، فيتوقع على صاحبه الموت، أم لم ينحدر فترجى له السلامة.
وقال أبو علي البغدادي: يعني أصابع الأطباء يلمسنه: هل وصل إلى القلب أم لا؟ لأنه إذا اتصل بالقلب تلف صاحبه، وإنما أراد النابغة: أن موجدة النعمان عليه بين رجاء ويأس، كهذا العليل الذي يخشي عليه الهلاك، ولا يأس من ذلك من برئه. وهذان التأويلان أشبه بغرض النابغة من التأويل الأول.
وأما إعرابه: فمن روى (والج لوج الشغاف) جعله مثل قولهم: ضربته ضرب الأمير اللص. وتقديره: (والج ولوجاً مثل ولوج الشغاف)، فحذف الموصوف، وأقام صفته مقامه، وحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. ومن روى (شاغل ولوج الشغاف) جعله من المصادر المحمولة على معاني الأفعال، دون ألفاظها، لأنه إذا شغل فقد ولج، فصارت الفائدة من قوله (شاغل) كالفائدة من قوله (والج ولوج) فصار مثل قولهم تبسمت وميض البرق، وجلس زيد قعود عمرو، ومن روى (شاغل) مكان الشغاف، جاز أن يكون المكان ظرفاً وجاز أن يكون مفعولاً به.
* * *
وأنشد في هذا الباب:

(91)
(قضيبا لطبيب نائط المصفور)

الصفحة 136