كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

من الواله، والتفسير الأول أجود في هذا الموضع، ليختلف المعنيان، لأنه قال أو كالمختبل. ويدل أيضاً على أن الطرب: الجزع، قوله قبل هذا البيت:
سألتني جارتي عن أسرتي وإذا ما عى ذو اللب سأل
سألتني عن أناس هلكوا شرب الدهر عليهم وأكل
وقوله (وأراني طربا في إثرهم): يجوز أن تكون هذه الرؤية رؤية علم، وهو الوجه، فيكون طربا مفعولاً ثانياً، ويجوز أن يكون رؤية عين، فيكون طربا منصوباً على الحال، لأن هذا مما يرى العين، ويرى بالقلب.
وإنما قلنا إن الأول هو الوجه، لقوله (أراني)، فعدى فعل الضمير المتصل إلى الضمير، وهما جميعاً للمتكلم، ولا يجيز سيبويه وأصحابه تعدى فعل الضمير المتصل، إلى نفسه إلا في الأفعال المتعدية إلى مفعولين، مما يدخل على مبتد أو خبر، كقولك: ظننتني خارجا، وحسبتك منطلقا، ولا يجيز ذلك في الأفعال المتعدية إلى مفعول واحد، فلا تقول ضربتني، إنما تقول ضربت نفسي، ولا تقول للمخاطب. ضربتك إنما تقول: ضربت نفسك. وقد جاء ذلك في الأفعال المتعدية إلى مفعول واحد، إلا أنه قليل، قالوا: فقدتني وعدمتني، قال قيس بن ذريح:

الصفحة 15