كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وأنشد في هذا الباب:
(114)
(كأبي براقش كل لو ... ن لونه يتخيل)
هذا الشعر ذكره الأصمعي عن أبي عمرو بن العلا أنه لبعض بني أسد، وقبله:
إن ينجلوا أو يجبنوا ... أو يغدروا لا يحفلوا
يغدوا عليك مرجليـ ... ـن كأنهم لم يفعلوا
هجا قوماً، فوصفهم بأنهم لا يلبثون على حال واحدة، فشبههم بهذا الطائر الذي يتلون بألوان شتى، ولذلك كنى بأبي براقش، لأنه يقال: تبرقش الروض: إذا ظهرت فيه أنواع الأزهار وتبرقش الرجل إذا تزين. وقال ابن الأعرابي، البرقشة: التفرق، وتركت البلاد براقش: أي ممتلئة زهراً مختلفاً من كل لون. وفي هذا الشعر من مشكل الإعراب، أن قوله (يغدوا عليك) بدل من قوله لا يحفلوا، لأن غدوهم مرجلين يدل على أنهم لم يحفلوا بما صنعوا ولا حجلوا منه، وليس ببدل من الفعل وحده، ولو كان كذلك لكان قد نفى عنهم الغدو مرجلين، كما نفى عنهم الحفل، ولكنه بدل من مجموع الفعل، ولا محمول على المعنى، لأنه إذا قال (يحفلوا) فقد ناب مناب قوله (تهاونوا بذلك) وقوله (كأنهم لم يفعلوا) في موضع نصب على الصفة لمرجلين، أو على الحال، كأنه قال مشبهين من لم يفعل. والكاف في (كأن) كاف التشبيه الجارة، دخلت على أن، وكان حكمها

الصفحة 161