كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

البيت: لجرير يهجو به الفرزدق. والمغايشة: المغالبة والمفاخرة. وقد شبه الفرزدق بالحفاث، وهي الحية التي تنفخ ولا تؤذى، وشبه نفسه بالأشجع وهو الذكر من الحيات. والألف في قوله (أيغايشون) ألف التوبيخ والإنكار. والأشجع: يرتفع على مذهب البصريين بكل واحد من الفعلين اللين قبله، ولا يجوز ارتفاعه في قول الفراء إلا بالأول، لأنه لا يجيز إضمار الفاعل قبل الذكر، كما لا يجيز إضمار المفعول. والبصريون يجيزون إضمار الفاعل قبل الذكر ولا يجيزون إضمار المفعول، وحجتهم أن الفاعل لا يستغني عنه فيضمر في هذا الباب قبل الذكر على شرط التفسير والمفعول يستغني عنه، فلذلك لم يضمر قبل الذكر، والكساء، يجيز ذلك ولا يضمر شيئاً.
وقد حكى السيرافي أن الفراء يجيز في قام وقعد زيد أن يرفع زيد بالفعلين معاً. وهذا غلط، لأنه لا يعمل عاملان في اسم واحد، في حال واحدة، فيلزم بحسب هذا الرأي الفاسد أن يرتفع الأشجع بعضه وقضى جميعاً. والضمير في يغايشون: يعود إلى مجاشع، لأنه قال قبل هذا البيت:
لا يعجبنك أن ترى لمجاشع ... جلد الرجال ففي القلوب الخولع
ويريب في رجع الفراسة فيهم ... وهل الطفاطف والعظام تخرع
إنا لنعرق من رجال مجاشع ... هذا الحفيف كما يحف الخروع
والخولع: الجبن الشديد الذي يخلع القلب والخروع: نبت لين. والنجار: الأصل.
* * *

الصفحة 171