كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وأنشد في باب معرفة في جواهر الأرض:
(125)
(ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلاً يحملن أم حديدا)
(أم صرفانا بارداً شديدا)
هذا الرجز للزباء، قالته حين جاءها قصير اللخمي بالجمال، وعليها صناديق فيها رجال عمرو بن عدي، وتقدم إليها وقال: قد جئتك بما صأى وصمت، فأشرفت فنظرت إلى الجمال تمشي مشياً ضعيفاً، لثقل ما على ظهورها، فقالت هذا الرجز، وبعده - (أم الرجال جثماً قعودا) وخبرها مشهور. وكان أبو حاتم يقول: هي الزبى مقصورة، ويجعلها تأنيث زبان، مثل سكران وسكرى. وقال غيره: إنما هي الزباء بالمد تأنيث الأزب: والصرفان فيه ثلاثة أقوال: قيل: هو الرصاص. وقيل: هو الموت. لأنه انصراف عن الحياة. وقيل: هو نوع من النمر رزين. ذكر ذلك أبو حنيفة. وروى الكوفيون مشيها بالرفع والنصب والخفض، قالوا: فمن رفع أراد ما للجمال وئيدا مشيها، فقدم الفاعل ضرورة. ومن نصب فعلى المصدر لفعل مضمر، أراد تمشي مشيها، ومن خفض فعلى البدل، من الجمال. والبصريون لا يجيزون تقدم الفاعل قبل الفعل في اضطرار ولا غيره غيره. قال أبو علي الفارسي: من روى مشيها بالرفع، أبدله من الضمير في قوله (للجمال) المرفوع قال: وإن شئت جعته مبتدأ، ووئيدا: منتصب به وفي صلته. والخبر مضمر، والجملة في موضع نصب. قال: ويجوز أن يكون (وئيدا) حالا تسد مسد الخبر،

الصفحة 172