كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وهذه حال غريبة في الأحوال السادة مسد الأخبار، لأن النحويين يقدرون الحال السادة مسد الخبر بإذ وإذا، ويضمرون معهما كان التامةن لتكون عاملة في الحال، فإذا قلت: ضربى زيداً قائماً، فتقديره عندهم: إذا كان قائماً، وإذ كان قائماً، لأن الحال إنما جاز أن تسد في هذا الموضع مسد الخبر، لأنها نابت مناب ظرف الزمان المحذوف، ولذلك لم يجز أن تسد مسد خبر المبتدأ إلا إذا كان المبتدأ مصدراً، أو في تأويل المصدر، كما أن الزمان لا يكون خبراً إلا عن المصدر، وما سد مسده، ولا يجوز تقدير ذلك في بيت الزباء، ألا ترى أنك إن قلت: ما للجمال مشيها إذ كانت وئيدا وإذا كانت وئيدا، كان ذلك خطأ، لأن الزباء غنما قالت هذا القول في حال تشاهدها، ولم تقل ذلك في شيء ماض ولا مستقبل، فلا يصح دخول كان هاهنا ولا (إذ وإذا)، ومع ذلك فإن (وئيدا) على هذا التقدير لا يجوز أن يكون حالا إذ على بُعد من التأويل، فلأجل هذا الذي قلناه، صار كثير من النحويين ينكر قول أبي على هذا ويرده، لمخالفته المعهود من أمر الأحوال السادة مسد الأخبار. وتلخيص قول أبي علي رحمه الله: أن يكون التقدير: مشيها حين أراها ذات وئيد، يضمر الخبر، لأنه يقع على كل وقت ماض وحاضر ومستقبل، ويجعل (أراها) المضمر فعل حال، ويحذف (ذات) ويقيم (الوئيد) مقامها.
* * *
وأنشد ابن قتيبة في باب نوادر:
(126)
(من بين جمع غير جماع)

الصفحة 173