كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وأنشد في باب تسمية المتضادين باسم واحد.
(129)
(يبادر الجونة أن تغيبا)
هذا الشعر للخطيم الضبابي، وليس على ما أنشده ابن قتيبة. وصوابه:
يبادر الآثار أن تئوبا ... وحاجب الجونة أن يغيبا
الجونة: الشمس وتئوب ترجع. وكان أبو العباس ثعلب يروى (الآثار) جمع آثر، وكان الغالبي يروى (الأثآر) في وزن الأشعار، يجعلها جمع ثار، وكان أبو العباس ثعلب يروى الآثار جمع أثر. فأما رواية الغالبي فيجوز فيها وجهان أحدهما أن تكون (الآثار) جمع الثأر، الذي هو مصدر ثأرت به أثأر: إذا أدركت ثأره، فيكون على هذا قد نسب الإياب إلى الآثار. والمراد أصحابهما، كما قال تعالى: (ناصية كاذبة خاطئة)، وغنما الخطأ والكذب لصاحب الناصبة. والوجه الثاني: أن يكون الآثار جمع الثأر الذي يراد به المثئور منهن يقال: فلان ثأرى كما قال الفرزدق:
وقفت بها أذرى الدموع كأنني ... بها سلم في كف صاحبه ثأر
يريد رجلاً أسلم إلى طالبه بالقصاص ليقتله. ومعنى البيت في كلا الوجهين: أن هذا الفرس لسرعته يبادر المغيرين على الحي، فيدرك ثأره منهم قبل أن يثوبوا إلى أوطانهم.

الصفحة 177